1. المنطلق الأساس للإسلام تسويته بين المرأة والرجل في الإنسانيّة والعقل والمسؤوليّة والأهلية والشخصية القانونية وفي الآثار القانونية المترتبة عن كل ذلك.
2. مرتكز آخر أساسي وهو تأسيسه العلاقة بين الجنسين على المودّة والرحمة والتكامل والتعاطف والتضامن... ولأن هذه الخصال لا يمكن أن تتحقق إلا داخل الأسرة فقد أعطى الشرع للحياة الزواجيّة وللأسرة بُعداً إنسانيّا واجتماعيا واقتصاديا وقيميا أخلاقياً يتفاعل فيه أفرادها على أسس التعاطف والتوادد وتبادل الخدمات في تكامل بعيد عن الحسابات المادية وعن الامتيازات والحقوق التي لا تأخذ في الاعتبار الغنى الروحي والعاطفي.
3. الرفق والإحسان والمعاملة بالتي هي أحسن... تشكل أهم عناصر المنهاج الإسلامي العام والشامل والأساسي، سيما داخل البيت الأسْري. وهو منهاج يتعالى ويتجاوز القوة فأحرى العنف. ولتقويم اعوجاج أي فرد في الأسرة وضع الشرع تدابير متنوعة، وجعل آخرها استعمال القوة (وليس العنف) التي لا يجوز اللجوء إليها إلا استثنائيّاً جدا للتقويم أو لدفع عدوان حالٍّ. وهذا المنهج عامٌّ يجب أن يلتزم به الكافة في ضبط كلّ العلاقات الاجتماعية، من دون فرقٍ بين رجلٍ وامرأة، أو قوي وضعيف، أو طفل وبالغ.
4. الإحسان والمعروف يعتبران الضابط الأساس للعلاقة الزواجيّة والأسرية عموماً .
5. إنّ الإشراف على شؤون البيت الأسري والاضطلاع بالتربية والرعاية... كلها أعباء ما أسندت إلى الزوجة، إلا لكونها تتقنها أكثر من سواها. وليس في هذا أدنى انتقاص من إنسانيتها ولا أي تكريس لدونية لا توجد إلا في أذهان غير مميزة. هذا مع أن الإسلام لم يرغم الزوجة على التحمل بأيٍّ منها وإنما جبَّبَ إليها القيام بها عن طواعية واختيار، وفرض لعدد من هذه الأعباء أجراً مادّياً (عن الرضاع والحضانة...). وعلى المجتمعات والحركات التحريرية للمرأة والتي تعتبر هذه التضحية منها خضوعا ودونية وعبودية للرجل، أن تعيد تقييمها لتضحيات المرأة وتشجعها على الاستمرار فيها، ما دام لا يوجد أحد سواها يستطيع القيام بها، وما دام تنازلها عنها وإهمالها إياها يؤديان حتما لتفكك الأسرة وظهور أمراض اجتماعية لا حصر لها ولا ضابط.
6. تحتفظ الزوجة بأهليتها وحقوقها وشخصيتها وذمتها مستقلة عن زوجها، الذي لا يحق له التحكم أو الاستيلاء على أموالها الخاصّة أو أن يتحكم فيها أو أن يقرر مكانها في مصالحها التي لا تتعلّق به كزوج.
7. ومن وسائل تكريم الشريعة للإنسان وضعها لتدابير تحفظه ضد كل اعتداء أو عنف يهدد وجوده أو كرامته، وفي سبيل ذلك أوجدت المؤسسات اللازمة لرد كل اعتداء أو تعسف يتهدد الفرد أو الجماعة أو الدولة.
8. لم يمنح الإسلام للرجل أي حق أو سلطة لممارسة العنف على المرأة، أكان عنفا جسديا، معنويا (سبّ، شتم، كلام بذيّئ، اتهام بالباطل، انتقاص من كرامتها، خيانتها، هجرها...) أو قانونيا (منعها من ممارسة أهليتها كاملة، إخراجها من البيت، حرمانها من النفقة...) فكل هذه السلوكيات تعتبر اعتداء وخطيئةً يُحاسب من أجلها الزوج دنيويا ودينيا، تماما كما تحاسب من أجلها الزوجة إذا ما اقترفت مثلها.
9. وإذا تعسفت الزوجة أو نشزت أو قصرت في القيام بواجباتها الشرعية المستقاة مما التزمت به بمقتضى عقد الزواج، فصلاحية التقويم تعود للمؤسسات المخولة ذلك (الحكمين، القاضي...) وليس للزوج كما شاع لدى مختلف الأوساط في العالم الإسلامي، كما أثبتنا بالحجج.
10. أوردنا سيلا من البراهين الشرعية الدامغة الدالة على كون التدابير التصحيحية أو التقويمية أو التهَّذِيبية لم تُـجَزْ إلا في أضيق الحدود.
11. وأوردنا أقوالا لبعض كبار العلماء ممن اعتبروا أن ضرب النساء من قبل أزواجهن لا يباح مطلقاً، بل فيه ما يكره كراهة تنـزيه أو تحريم.
12. وتتبعنا شرح آية النشوز فلم نجد فيها أو في غيرها من الآيات ما يبين أن المخوَّل ممارسة القوة هو الزوج.
13. ضرورة التمييز بين العنف والقوة: والعنف لا شرعية له، لأنه بكل بساطة مُجَـرَّم. وأما القوة فغير ذلك. من ثم، فـشرعية استخدام القوة هي غيرها في استخدام العنف كما تحدد ذلك النصوص الشرعية والقانونية التي تحسم بأن استخدام القوة لا يجوز إلا عندما تدعو الحاجة الملجئة لـدفع خطر ما. ومع ذلك إذا تجاوز مستخدم القوة الحدود التي رسمها الشرع أو القانون، فيُكَيَّفُ سلوكه عنفا مجرَّماً يجعل فاعله تحت طائلة العقاب.
14. وفي جميع الحالات فتجاوز الحدود التي رسمها الشرع والقانون لاستخدام القوة يحول القوة إلى تعسف وتجاوز وعنف.
15. إذا حصل ضرر أو إيذاء جراء "التأديب" أو التقويم "المباح"، حتى عند من يعتبرون الزوج مخولا هذا الحق، يوجب الضمان.
16. أن التأديب باستخدام القوة (الضرب) هو آخر العلاجات مع ما فيه من الكراهة التي ترفعه إلى الحِرمة عند التجاوز.
17. من هذا المنطلق، فمن حق الزوجة أن تحمي نفسها من الاعتداءات التي قد تمارس عليها، ووسائل الحماية كثيرة.
18. وتقضي القواعد الشرعية أن تنفيذ العقود التبادلية (التي تضع أعباء على طرفي العقد معا) يجب أن يتم بحسن نية من الطرفين كليهما. وبالتالي، إذا ما امتنع أحدهما عن القيام بواجباته، جاز للطرف الآخر التوقف عن تنفيذ التزاماته. على هذا إذا مارس الزوج عنفا حقوقيا ضدّ زوجته (كأن يمنعها حقوقها الزواجيّة من نفقة أو استمتاع...) جاز لها أن تمنعه بدورها حقوقه التي التزمت بتحقيقها بمقتضى العقد وجاز لها إنهاء الزواج طبقا لقواعد الشرع. فإن صبرت واحتسبت، حفظا لأسرتها، واجتهدت في اجتثاث الأسباب المؤدية للعنف وحل مشاكل الزوجية، فذلك هو المطلوب !
19. وبإمعان النظر في آية النشوز ومقابلتها مع باقي الأحكام والقواعد التشريعية التي تحكم العلاقة الزواجية يصبح معنى الآية دعوة إلى الإعراض في وقت الغضب أو الخصومة أو التشنج إلى حين أن تصفى النفوس ويصبح كلا الزوجين قادرا على إدراك الأمر بموضوعية أكبر. ويتأكد هذا من خلال دعوة نفس الآية إلى عدم البغي فأحرى التعنيف: "فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً". ثم تردف نفس الآية بدعوة إلى استقدام حكمين: " وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا".
...
فهذه إذن جملة من الحلول تقترحها الآية للنشوز، بما يستجيب لظروف كل حالة على حدة، وهي تتنافى بكاملها مع العنف. والتنصيص على الحكمين هنا ينفي وجود الضرب، فعلى الزوج، إن كانت زوجته هي الظالمة، أن يغضب منها وله أن يعظها فإن اشتدّ الخصام يلتجئ للحكمين، ولا يمكن أن يجتمع الضرب والحكمان معا. فأحيانا لا ينفع الضرب حتى مع الناشز. بل لعل اللّين وحسن العشرة يعطيان نتائج أفضل.
وإن الإسلام، على غرار باقي الأديان السماوية يمُجُّ العنف ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يُسَوِّغُه.بل هو يزيد عليها في الأمر المتكرر بالدفع بالتي هي أحسن (كبديل للعنف) حتى مع غير الأهل والصديق، فأحرى مع الزوج، ويأمر الأزواج بألا ينسوا الفضل بينهم ويأتمروا بينهم بمعروف حتى في حالة الفراق. وقد تكررت الدعوة إلى الرفق والدفع بالتي هي أحسن وباتقاء العنف في أكثر من آية وحديث نكتفي منها بما يلي:
* ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ سورة المؤمنون(23)، آية 96
* اُدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ سورة النحل (16) آية125...
* وقد أوردنا سالفا سلسلة أحاديث تركز على الرفق وتطلبه منها: حديث: يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق ويعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف وما لا يعطى على ما سواه؛
وفي مواضع على صلة مباشرة بالأسرة، جاءت أحاديث كثيرة منها: حديث: إذا أراد الله بأهل بيت خيرا فقههم في الدين، ووقر صغيرهم كبيرهم، ورزقهم الرفق في معيشتهم، والقصد في نفقاتهم، وبصَّرَهُم عيوبَهم فيتوبوا منها؛ وإذا أراد بهم غير ذلك تركهم هملا" وحديث: "ما أعطي أهل بيت الرفق إلا نفعهم"...
20. ثم، وكما سنرى بتفصيل، فـقوامة الرجل لا تعني سيادة أو حتى ولاية الرجل على المرأة أو على الزوجة، بل تعني تحميل الرجل مسؤوليّة الإشراف على الأسرة وتوفير كافة احتياجاتها. مع إشراك الزوجة في كلّ الأمور والقرارات التي لا تستقيم إلا بمساهمة كلا الزوجين.
21. وأما الطاعة فعلى نفس الشاكلة، تعني رعاية حدود الله واحترام النظام والقواعد التشريعية الملزمة وعدم عصيانها. وعلى ذلك فالطاعة إلزام شرعي واقع على كل من الزوج والزوجة. وما يجب رعايته هو أحكام الأسرة أي "حدود الله" وليس أوامر الزوج ونواهيه النابعة من هواه والمنحرفة عن مقاصد الشرع.
22. يؤكّد الإسلام أنّه لا ولاية لأحد على المرأة إذا كانت بالغةً عاقلة رشيدةً وأنها تنفرد بإدارة كافة أمورها المالية والشخصية وإبرام العقود برضاها المعبر عنه طبقا للشكليات القانونية، دون حاجة لرقابة أحد ولو كان الزوج، اللهم إلا إذا اختارت أن تنيب عنها شخصا آخر في بعض تصرفاتها. وكل إرغام للمرأة على خلاف ذلك يقع باطلا، فأحرى أن يسوِّغ العنفَ لأجل ذلك.
23. فالإسلام صوَّر الحياة الزواجية على أنها سكن وسكينة للزوجين وهذان لا يستقيمان إلا بالمودة والرحمة. لكن بما أن الحياة مليئة بالمتاعب والمشاكل والتصادمات والاختلافات... فإذا ما هبت ريح عاتية تعكر صفو الحياة الزواجية وتهدد بنسفها تماما، فقد ألزم الشرع كلا الزوجين أن يتفهم ويستحمل شريكه إنقاذا لحياتهما المشتركة ويغلب المحبة والرحمة والمودة ويغلب لغة العقل والحوار القائم على الاحترام المتبادل تجنبا للشقاق، امتثالا لأحاديث كثيرة علمتنا أن الله تعالى رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف.
24. ومع ذلك إذا تعرضت الحياة الزواجية لتهديد شديد ولم يوجد من وسيلة لاستنقاذها سوى استعمال القوة (وليس العنف) لرد المتعسف إلى صوابه، فلا بأس من استعمالها، لكن في الحدود وبالحجم وبالضمانات التي تصان بها حقوق وكرامة الطرف الذي نزلت به.
25. بإباحة الإسلام ضرب صِنْفٍ من الناس لا يجدي معهم أو معهن نصحٌ أو وعظ أو تذكير أو إرشاد أو هجر في المضجع... فإن الشارع الحكيم لم يأْذَن بذلك إلا كتدابير تصحيحية جزائية الغاية منها الردع، ومع ذلك طرح بدائل عنها لتفاديها، فإن لم يكن منها بدٌّ، أحاطها بضمانات وشروط وقيود وحدود تنأى بها عن الضرب المبرح أو المؤذي أو المهين. بل رأينا كيف أن الشرع جعله تأديبا حسيا ممزوجا بتأديب معنوي... وزيادة في التأكيد، اعتبر الرسول (ص) أن خِيَارَ الأزواج لا يضربون نساءهم أبداً.
26. رغم كل هذا ومع أنه لا يوجد في القرآن ولا في السنة ما يحمل على خلاف ما رأينا، تجتهد وتتحالف جهات عديدة من أجل اتهام الإسلام بإهانته للمرأة واستضعافه إياها وإن كثيرا ممن يجهلون الإسلام وقواعده المتكاملة فيما بينها يشوهون هذه القواعد ويلبسون الحق بالباطل.
27. صحيح أن عددا من المنصفين من العالم الإسلامي وسواه ممن اطلعوا اطلاعا صحيحا ومنهجيا على مضامين الشريعة لا يتوانون عن تقديم شهادات منصفة، كمثل القول المنقول عن الوزير البريطاني جاك سترو من أن "وضع المرأة المسلمة أهم وأفضل من وضع المرأة اليهودية والمسيحية، وأن الإسلام أعطى للنساء حق الإرث في كل الممتلكات قبل أن تفعل ذلك الحكومة البريطانية بثلاثة عشر قرنا".
28. الأطفال أكثر من يؤدي ثمن العنف الأسري: ما من شك فإن آلام الأطفال الذين يعاينون مشاهد العنف من أي من الأبوين تنتهي بهم إلى وهن في الشخصية وانعدام الثقة في أنفسهم وفي الجنس الآخر وإلى مشاكل خطيرة تهدد الأمن الاجتماعي العام.
29. ضرب الزوجات لأزواجهن ظاهرة غريبة على مجتمعنا وقيمه وعاداته وتقاليده وتدل على تفشي ثقافة العنف والقسوة داخل كثير من الأسر. وبإغماض العين عنها، ستزيد استفحالا، لتتحول إلى ظاهرة مستعصية، كما حصل في عديد من الدول المتقدمة وكما حصل في موضوع تعنيف النساء...
30. جرائم الشرف لا أساس لها في الشرع. وعقوبة الزنى بيد ولي الأمر لا الأهل. فلنتوقف عن الافتراء على الشرع وممارسة الجرائم باسمه !
31. تفشي ثقافة القسوة: وهي ظاهرة عالمية تقتضي بدل كثير من الجهد من أجل اجتثاث أسبابها الحقيقة، لغاية التصدي لها. وقد تبين لنا أن الأسباب عديدة ومتنوعة منها التربوي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والإعلامي... ومنها ما هو نتاج نمط العيش العصري المليئ بالإكراهات والضغوطات.
32. وإذا كان الأمر كذلك، فلا غرابة أن يتحول ضرب النساء إلى ظاهرة عالمية، لا تفضُلُ فيها دولة متقدمة أخرى دونها ازدهارا. وقد رأينا كيف أن نسب العنف الأسري أكبر وأخطر في الدول المتقدمة... مما ينبئ بأنها من إفرازات الحضارة المعاصرة... وليست لصيقة، كما يتوهم الكثيرون، بأي من الشرائع السماوية وأولها الإسلام. وقد بينا أن للحياة العصرية ونمط العيش، سيما في الحواضر، أثر كبير على سلوكيات الناس وبالتالي في انتشار العنف الأسْري بسبب ما يحدث من قلق واضطراب وضغط في العمل وبسبب ارتفاع تكاليف الحياة والعجز عن توفيرها... وكل ذلك يحدث اضطرابات عصابية ذهانية لدى البعض، اضطرابات تنقلب بفعل عوامل أخرى إلى سادية لا تُشبع إلا بتعذيب أعز الناس، خصوصا إذا لم تتكافأ قوى الزوجين وكان أحدهما ضعيف النفس أو الشخصية، فيصير فريسة في يد الغالب... وهذا يقتضي بطبيعة الحال التعامل بعمق أكبر مع الظواهر من أجل الحد من مسبباتها، عوض الاستمرار في التركيز على الأعراض والتعامل بسطحية مع بعض مظاهرها، وأهمها العنف ضد لامرأة.
33. وخلاصة الخلاصات أن الاكتفاء بالحل القانوني وحده لا يستأصل ظواهر العنف من أساسها. فالدول المتقدمة، رغم صرامة قوانينها الدولية والوطنية وقسوة عقوباتها لم تستطع حتى خفض نسب الاعتداء على النساء (في الولايات المتحدة اغتصاب في كل دقيـقة وثلث النساء ضحايا القتل قَتَلَهُنَّ الأزواج أو الخلان... وعليه، فمن الضروري الجمع بين التدابير والحلول القانـونية والحلول التربوية، الاجتماعية، الثقافية والتحسيسية. كما يلزم تقوية الرصيد الأخلاقي الذي يحد من العنف والأنانية والظلم ويغرس محلها ثقافة الرحمة والإيثار والتسامح داخل الأسرة وفي العمل والشارع وفي مجالات الحياة العامة والمجتمع برمته.
34. كما يجب تفعيل دور الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام... والمجتمع الأهلي المدني من أجل الإسهام في إعادة بناء الثقافة بما يفرض احترام الآخر أيا كان جنسه وعرقه وعقيدته، وفي تحرير المجتمع من عقد التمييز الجنسي، واختزال المرأة في حدود الجسد وفي تصحيح النفوس والوجدان قبل التطلع إلى تصحيح الواقع.
35. وحفظا لهذه القيم والتضحيات الداعمة للأسرة ورعيا للتحولات الاجتماعية الناجمة عن تبدل نمط العيش، سيما في الحواضر، فالمطلوب أن تتدخل التشريعات والسياسات الأسرية والسياسات المنظّمة لعمل المرأة وأن تجتهد من أجل حل المشاكل الناجمة عن عملها خارج البيت والتوفيق بينه وبين أعبائها الأسْرية، درءاً لتفكّك الأسر وانهيار التركيبة الاجتماعية والنسق القيمي الأخلاقي، وما يترتب عن كل ذلك من تردي الأمن الاجتماعي وانزلاق المجتمع إلى العنف والانحراف والجريمة.
36. ثم أخيرا وليس آخرا، النأي عن استغلال موضوع العنف الأسْري لغايات ومآرب سياسية، أيديولوجية أو سواها والعمل على توظيف كل معالجة لهذا الموضوع المؤرق لفائدة حماية الأسرة من التفكك ولرأب الصدع بين الزوجات والأزواج وحل مشاكل الأسرة بالشكل الذي يحمي تماسكها واستقرارها، من دون تعميق الصراع الذي أعلَنته الحضارة الحديثة بين الجنسين...
الموضوع : موقف الإسلام من العنف الأسري المصدر : منتديات اضواء الاسلام الكاتب: atefbbs