مفهوم المساواة
إن أصل هذا المطلب بدأ أيضاً مع الثورة النسوية في أوروبا حيث كان للمرأة بالفعل قضية، قضية المساواة في الأجر مع الرجل الذي يعمل معها في المصنع نفسه وفي ساعات العمل نفسها بينما تتقاضى هي نصف ما يتقاضاه الرجل من الأجر .
هذا المطلب كان في البداية يمثل منتهى العدل ، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان ، أما بعد ذلك فقد تطور هذا المطلب ليشمل المساواة في كل شيء ، وهذا أمر ، كما تعلمون ، مستحيل هذا ببساطة لأن بينهما اختلافات حقيقية جسمية ونفسية ، حتى ولو نجحت بعض النساء في تبوء المراكز العالية وفي القيام بأعمال جسدية شاقة إلا أن هذا لا يعني أن كافة النساء يمكنهن أداء ذلك العمل أو يرغبن فيه . فمهما ارتقت " المرأة في مستواها العلمي والثقافي ومهما كانت دوافعها النفسية أو الاقتصادية للخروج إلى العمل ، تبقى رغبة المشاركة في تكوين أسرة إحدى أهم مكونات فطرتها الأصلية ، كما يشير الاستبيان الذي أُجْرِي بين الفتيات في بعض الدول العربية " .
وقد أكدت الدكتورة إلهام منصور، إحدى مناصرات تحرير المرأة ، على هذا الأمر فقالت : " إن الثقافة كما لم تفعل بعد في الرجل اللبناني فهي كذلك لم تفعل بعد في المرأة اللبنانية التي تعتبر مثقفة لأن أغلب النساء المثقفات هن راضيات بوضعهن ، ويعملن على ترسيخه ، وينادين بوجوب إعطاء حقوق للرجل تفوق حقوق المرأة ، وهذا الواقع يدلنا دلالة مباشرة واضحة أن العلم بالنسبة للمرأة اللبنانية ليس سوى وسيلة للحصول على الزوج الأفضل وذلك لأن أغلب الشبان قد أصبحوا اليوم مثقفين ويفضلون الزوجات المثقفات ، والثقافة هنا تأخذ طابع الزيادة الخارجية عند المرأة فهي لا تنصهر مع شخصيتها كي تغيرها من الداخل " .
هذه الحقيقة في تباين أهداف المرأة والرجل أكد عليها الفيلسوف " أوجست كونت" أحد فلاسفة الغرب المعاصرين حيث يقول : " إن الرجل والمرأة يهدفان إلى آيات متباينة في الحياة ، فمرمى الرجل هو العمل وآية المرأة الحب والحنان " ، ويقول الفيلسوف أيضاً : " حتى في الزواج لا يوجد مساواة بين الرجل والمرأة ، لأن لهما حقوقاً وواجبات مختلفة فالرجل قَوّامٌ على البيت وهو الذي يعول المرأة ، لأن المرأة يجب أن تجرّد من هموم المادة " .
هذا الكلام الذي ورد على لسانهن ولسان فلاسفتهن يعتبر أكبر دليل على أن ما يطالبون به مخالف لفطرة الله سبحانه وتعالى ، والإسلام إنما جاء ليثبت هذه الحقيقة لا ليدعُوَ إلى أمر لا أساس له من الصحة ، فالإسلام كدين لا يهتم بمصالح فرد دون آخر ، وهو عندما بيَّن للمرأة حقوقها وواجباتها فرض على الرجل أيضاً حقوقاً وواجبات مغايرة تتناسب مع تركيب كل منهما البيولوجي والنفسي والجسدي ، كما تتناسب مع قواعد العدل والتوازن لا المساواة المطلقة ، فالمساواة المطلقة كما قلنا عدوة الفطرة ، "بينما العدل هو الذي يضع الموازين القسط لكل شيء ، ولكل علاقة ، فيعطي لكل شيء حقه ، حسب فطرته وأهليته ووظيفته التي وجد من أجلها .
فللمرأة إذن وظيفة تتناسب مع فطرتها التي فطرها الله عليها ، " وعناصر تكوينها أنها ذات بطن يلد وحضن يربي ، ومكانتها الفذة هي فيما فُطرت عليه فقط ، ومن الممكن توفير المساواة المطلوبة بينها وبين الرجل .. ولكن ذلك يكون على حساب امتيازاتها .. والنتيجة تحويلها إلى نوع جديد من الرجال ".
ويمكن أن أختم فكرة المساواة بلطيفة وردت في القرآن الكريم تدل على قمة المساواة والعدل وعدم التفرقة بين المرأة والرجل حيث وردت كلمة رجل مفردة 24 مرة ، ووردت كلمة امرأة مفردة 24 مرة أيضاً ، قمة المساواة .
الموضوع : مفهوم المساواة المصدر : منتديات اضواء الاسلام الكاتب: atefbbs