الأخوات والإخوة
المحترمون
هذه نماذج من خطب ..أمهات المؤمنين وغيرهن في مناسبات مختلفة
تتميز بقصر العبارة ..وبلاغتها الشديدة ...وجزالة ألفاظها ...ووصولها للمعنى المراد
بأقصر وأجزل العبارات ...
من كتاب ( بلاغات النساء ) لاحمد بن طيفور
وعرض عبد اللطيف أرنؤوط...سوريا
بدأ
المؤلف بكلام بليغات النساء فى صدر الاسلام ومنهن عائشة ام المؤمنين (رض
). وزينب بنت علي، وحفصة بنت عمر بن الخطاب ، وسودة بنت عمارة ، والزرقاء
بنت عدي، وبكارة الهلالية ، والجمانة بنت مهاجر، وامرأة ابى الاسود ، وآمنة
بنت الشريد ، وفي زمن معاوية الدارمية الحجونية وجردة بنت مرة وام البراء.
واغلب الاقوال التي ذكرها خطب او كلمات جامعة فى المناسبات السياسية
والاجتماعية وتحول المؤلف الى تصنيف كلام النساء فى مناسبات معينة ، فأورد
بلاغاتهن فى المنازعات بين الازواج وفى مدح الزوج او ذمه وصفات الزوجية ،
ووصايات النساء لبناتهن عند الزواج ، ومشاوراتهن ، وعقد فصلا عن بلاغات
النساء ومقاماتهن وبعض اشعارهن، وآخر عن اخبار مواجن النساء ونوادرهن
واجوبتهن وآخر في اشعار النساء أورد فيه مختارات من شعر الخنساء وليلى
الاخيلية ثم متفرقات من الشعر النسائي فى مختلف اغراضه وسنعرض لبعض
خصائص الادب النسائي فى الكتاب بعد ان نلخص مجمل ما اورده المؤلف لبليغات
النساء. 1- الخطابة:
كلام عائشة ام المؤمنين رضى الله عنها:
يتجلى
فى ادب السيدة عائشة قوة شخصيتها وعلو مكانتها فهي ذات عقل راجح لاتتكلم
إلا فى جلاء الامور الجليلة والمناسبات الخطيرة و ذكر المؤلف نبذة من
كلامها فى الدفاع عن ابيها، ومحاورتها طلحة والزهير حين حجت فى السنة التي
قتل فيها الخليفة عثمان (رض) ، وبعض اقوالها فى وقعة الجمل ، قال معاوية
"ما رأيت احدا بعد رسول الله ابلغ من عائشة (رض) ، فمن اقوالها حين سمعت ان
قوما نالوا من ابيها: (... ذاك
والله حصن منيف ، وظل مديد. انجح إذ أكديتم وسبق اذ ونيتم سبق الجواد اذا
استولى على الامد فتى تريش ناشئا، وكهفها كهلا، يريش مملقها، ويفك عانيها
ويرأب صدعها، ويلم شعثها، حتى حلته قلوبها، واستشرى فى دينه ، فما برحت
شكيمته فى ذات الله عز وجل حتى اتخذ بفنائه مسجدا يحيى فيه ما امات
المبطلون وكان رحمة الله عليه غزير الدمعة ، وقيذ الجوانح ، شجي النشيج ..) والسيدة
عائشة تختار فى كلامها الجمل القصيرة وتكثر من الترادف والتوازن وترفد
بيانها بالصور الحسية ، وفى كلامها سجع وايقاع جميل ، وهى تحسن اختيار
عباراتها وتمد قريحتها المتدفقة وعقلها الراجح عاطفة رقيقة تميز كلامها عن
كلام الرجال ، وهى فى ارتجالها الاقوال القصيرة البليغة تصدر عن ذكاء وروعة
بيان .
رأت رجلا متماوتا، فسألت : ما هذا؟؟
فقالوا: زاهد قالت : "كان عمر بن الخطاب رحمه الله زاهدا، وكان اذا قال اسمع واذا مشى اسرع ، واذا ضربهم فى ذات الله أوجع ..". ولها فى البلاغة اقوال جامعة مانعة كقولها فى التقوى:
" لله در التقوى، ما تركت لذي غيظ شفاء". وقولها "لاتطلبوا ما عند الله من غير الله بما يسخط الله ".وفى
حزنها عى مرض ابيها تتجلى رقة عاطفتها بالرغم من قوة شخصيتها وشجاعتها
الادبية ولم يكن كلامها يخلو من غريب اذا قيس بلغة عصرنا كقولها حين دخلت
على ابيها فى مرضه
"يا أبت، اعهد الى حامتك، وانفذ رأيك فى سامتك ،
وانقل دار جهازك الى دار مقامك انك محضور –اى حضرته المنية - متصل بقلبي
لوعتك ، وارى تخاذل اطرافك، وامتقاع لونك، والى الله تعزيتي عنك ، ولديه
ثواب حزني عليك ، ارقأ فلا ارقي - اي اسكن فلا اسكن - وأبل فلا أنقى -اي
ارتشف الماء فلا أروى".
** فاطمة بنت رسول الله (ص) :
وأما
بلاغة فاطمة بنت رسول (ص) فتتجلى فى تدفق عاطفتها وحرارة تعبيرها،
فكلماتها مختارة شديدة الموقع فى القلوب وعباراتها مسجوعة قصيرة تعمد الى
التصوير المحسوس ، وتسكب الفكرة فى ثوب من البيان الملموس ، ولغتها مقدودة
من عالم البادية الخشن القاسى، إلا انها تجيد التأثير فى القلوب ، دخل
النساء عليها فى مرضها الاخير، فسألنها: كيف اصبحت من علتك يابنت رسول الله ، فقالت من كلام طويل
"اصبحت والله عائفة لدنياكم ، قالية لرجالكم ،
لفظتهم بعد ان عجمتهم ، وشنأتهم ، بعد ان سبرتهم ، فقبحا لفلول الحد، وجور
القنا، وخطل الرأى، وبئسما قدمت لهم انفسهم ان سخط الله عليهم وفى العذاب
هم خالدون لاجرم لقد قلدتهم ربقتها وشلت عليهم عارها، فجدعا وعقرا وبعدا
للقوم الظالمين ، ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة ،
ومهبط الروح الامين ، الطبن بأمور الدنيا والدين الا ذلك هو الخسران المبين
..).
** زينب بنت علي ، وام كلثوم .
هاتان
السيدتان الكريمتان نشأتا فى حجر البلاغة ، وكلامهما يشبه الى حد بعيد
كلام السيدة فاطمة من حيث جزالته وقوة اسره وشدة وقعه ، من ذلك خطبة زينب
امام يزيد بن معاوية بعد مصرع اخيها الحسين
خطبة زينب -1
"اظننت يا يزيد انه حين أخذ علينا بأطراف الارض واكناف السماء، فأصبحنا
نساق كما يساق الاساري ان بنا هوانا على الله ، وبك عليه كرامة ، وان هذا
العظيم خطرك فشمخت بأنفك ، ونظرت فى عطفيك ، جذلان فرحا حين رأيت الدنيا
مستوثقة لك ، والامور متسقة عليك ، وقد امهلت ونفست .. امن العدل تحذيرك
نساءك واماءك وسوقك بنات رسول الله (ص) قد هتكت ستورهن واصحلت اصواتهن ،
مكتئبات تحذى بهن الاباعي، ويحدو بهن الاباعد من بلد الى بلد، لايراقبن ولا
يؤوين ، يتشرفهن القريب والبعيد، ليس معهن ولي من رجالهن .
[color="DarkSlateBlue"]وفى هذا الخطاب ما فيه من القسوة والعنف والجرأة فى
مخاطبة الخليفة مما لايجسر على قوله الرجال ، وفيه من التقريع واللوم وقوة
الحجة وروعة البلاغة ما يشعر بأن كلامها قطعة من كلام ابيها فصاحة وبلاغة
حين وقفت بين اهل الكوفة ونسوتها يبكين الحسين ، فكأنما كانت تنطق بلسان
ابيها على حد تعبير جعفر بن محمد، راوي الخطبة ، فأومأت إلى الناس الى ان
اسكتوا، فلما سكنت الانفاس قالت olor=Blue] خطبة زينب -2
"ابدأ
بحمد الله والصلاة والسلام على نبيه ، اما بعد: يا اهل الكوفة ، يا اهل
الخر "الغدر" والخذل ، لا فلا رقأت العبرة، ولا هدأت الرنة ، انما مثلكم
كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا، تتخذون ايمانكم دخلا "الغدر"
بينكم الا وهل فيكم إلا الصلف والشنف "البغض" وملق الاماء وغمز الاعداء،
وهل انتم إلا كمرعى على دمنة ، وكفضة على ملحودة "مدفونة " الا ساء ما قدمت
انفسكم ان سخط الله عليكم وفى العذاب ، انتم خالدون اتبكون ..؟؟ اي والله
فابكوا، وانكم والله احرياء بالبكاء، فابكوا كثيرا، واضحكوا قليلا، فلقد
فزتم بعارها وشنارها..". والسيدة زينب
تنوع فى العبارة بين الخبر والانشاء، وتتلاعب فى قلوب سامعيها، واسلوبها
يشبه الى حد بعيد اسلوب والدها علي بن ابي طالب ( رض ) خطبه ، وكأن البلاغة
ارث تحدر اليها مع الدم .
** سودة بنت عمارة :
كانت سودة بنت عمارة مع علي (رض) علنا يوم صفين فلما ولي معاوية الخلافة ارسل فى طلبها وذكرها بمواقفها.. فأجابته :
نشدتك
الله يا امير المؤمنين واعادة ما مضى، وتذكار ما قد نسي ، قال : هيهات لله
ما مثل مقام : اخيك ينسى، وما لقيت من احد ما لقيت من قومك واخيك، قالت :
صدق فوك ... لم يكن اخي ذميم المقام ولا خفى المكان .. مات الرأس وبتر
الذنب ، وبالله اسأل امير المؤمنين اعفائى مما استعفيت منه قال قد فعلت ..
فما حاجتك ؟
قالت : انك اصبحت للنباس سيدا، ولامرهم متقلدا... والله سائلك فى امرنا،
وما افترض عليك فى حقنا.. وما يزال يقدم علينا من ينوى بعزك ، ويبطش بلسانك
فيحصدنا حصد السنبل ، ويدوسنا دوس البقر، ويسومنا الخسيسة ويسلبنا الجليلة
، ولولا الطاعة لكان فيناي ومنعة " الى اخر حديثها الطويل الذي اقنعت فيه الخليفة بعزل (يسر بن ارطأة ) واليه بعد ان شكت اعماله وظلمه قومها فكتب بعزله .
** الزرقاء بنت عدي وبكارة الهلالية :
والزرقاء
بنت عدي يشبه موقفها موقف سودة ، كانت مع علي هي وقومها يوم صفين ، وانشأت
كلاما بليغا تحرض الناس فيه على قتال معاوية ... جاء فيه :
"ألا ان خضاب النساء الحناء، وخضاب الرجال الدهاء، والصبر خير فى الامور عواقب ، ايها الى الحرب ناكسين فهذا يوم له ما بعده ".
فاستدعاها معاوية بعد خلافته وجاء لها فى موقفها، فلم تكن اقل جرأة من..... سودة ، قال لها معاوية فى حوار طويل ،
يا زرقاء لقد شركت عليا فى كل دم سفكه .
فقالت : احسن الله بشارتك وادام سلامتك ، مثلك من بشر بخير وسر جليسا..
قال معاوية : وقد سرك ذلك ..
قالت : نعم والله ... لقد سرني قولك ، فأنى بتصديق الفعل .
قال معاوية : والله لوفاؤكم بعد موته احب لى من حبكم له فى حياته ، اذكري حاجتك .
قالت : يا امير المؤمنين ... أنى أليت على نفسي الا اسأل اميرا اعنت عليه شيئا ابدا.. ومثلك اعطى من غير مسألة وجاد من غير طلب .
قال : صدقت .. فاقطعها ضيعة أغلتها..
بكارة الهلالية
التي
لم تكن اقل جرأة امام معاوية من الزرقاء ، لقد دافعت بكارة الهلالية عن
موقفها فى صفين امام معاوية فانبرى لها سعيد بن العاص ، وذكرها بشعرها في
صفين فقالت لمعاوية
نبحتني كلابك يا
امير المؤمنين ، واعتورتني، فقصر محجني "العصية " وكثر عجبي وغشي بصري،
وانا والله قائلة ما قالوا لا ادفع ذلك بتكذيب،فامض لشأنك فلا خير فى العيش
بعد امير المؤمنين "تريد عليا".
if (window.Event)
document.captureEvents(Event.MOUSEUP);
function nocontextmenu()
{
event.cancelBubble = true
event.returnValue = false;
return false;
}
function norightclick(e)
{
if (window.Event)
{
if (e.which == 2 || e.which == 3)
return false;
}
else
if (event.button == 2 || event.button == 1)
{
event.cancelBubble = true
event.returnValue = false;
return false;
}
}
document.oncontextmenu = nocontextmenu;
document.onmousedown = norightclick;
الموضوع : نماذج قيمه من خطب الجمعه لامهات المؤمنين المصدر : منتديات اضواء الاسلام الكاتب: مهـ مع القرآن ـاجر توقيع العضو/ه :مهـ مع القرآن ـاجر |
|