إن أول حاجز حاول الغربيون وأتباعهم من أنصار تحرير المرأة اختراقه هو حاجز الحجاب ، إذ اعتبروا أن في ستر الرأس إهانة للمرأة ولكرامتها الإنسانية وعائقاً يمنعها من مشاركة الرجل في نهضته الفكرية والثقافية والاجتماعية ، ودعموا مزاعمهم بحالة التخلف الفكري والثقافي عند المرأة المتحجبة اليوم في بعض أقطار الجزيرة العربية والخليج العربي ، والواقع أنه لا تلازم بين الاثنين فلا مجال للربط بين حجاب المرأة وتخلفها لأن ما حصل لهؤلاء النسوة ليس سببه الإسلام بل يعود إلى "ظروف استعمارية وفكرية معينة ، وليس أسهل على المصلحين إذا أرادوا الإصلاح الحقيقي من أن يفصلوا بين الواقعين بوعي إسلامي سديد ، يؤيد الستر والاحتشام ويدفع إلى التزود من العلوم والثقافة النافعة ، ويجعل من كل منهما عوناً للآخر " .
وأكبر دليل على هذا الفصل هو تفوق كثير من فتياتنا الجامعيات المتحجبات بحجاب الإسلام، المستمسكات بحكم الله عز وجل ، وهنّ مع ذلك " أسبق إلى النهضة العلمية والثقافية والنشاط الفكري والاجتماعي من سائر زميلاتهن المتحررات ... وإن كل مُطَّلِع على التاريخ يعلم أن تاريخنا الإسلامي مليء بالنساء المسلمات اللواتي جمعن بين الإسلام أدباً واحتشاماً وستراً ، وعلماً وثقافة وفكراً ، وذلك بدءاً من عصر الصحابة فما دون ذلك إلى عصرنا الذي نعيش فيه " .
أما ثاني مزاعمهم فهو رفضهم الربط بين الحجاب والعفة ، فيقولون : إن عفة الفتاة حقيقة كامنة في ذاتها ، وليست غطاء يلقى ويسدل على جسمها ، وكم من فتاة متحجبة عن الرجال في ظاهرها هي تمارس معهم البغي والفجور في سلوكها ، وكم من فتاة حاسرة الرأس سافرة الوجه لا يعرف السوء سبيلاً إلى نفسها وسلوكها . إن هذا الكلام فيه شيء من الصحة فما كان للثياب أن تنسج لصاحبها عفة مفقودة ، ولا أن تخلق له استقامة معدومة ، وربّ فاجرة سترت فجورها بمظهر سترها ، ولكن من هذا الذي زعم أن الله إنما شرع الحجاب لجسم المرأة لتخلق الطهارة في نفسها أو العفة في أخلاقها ؟ ومن هذا الذي يزعم أن الحجاب إنما شرعه الله ليكون إعلاناً بأن كل من تلتزمه فهي فاجرة تنحط في وادي الغواية مع الرجال ؟
إن الله عز وجل إنما فرض الحجاب على المرأة محافظة على عفة الرجال الذين قد تقع أبصارهم عليها ، لا حفاظاً على عفتها من الأعين التي تراها … .
فالمرأة عندما تستر زينتها بالحجاب ولا تتبرج تبرج الجاهلية تكون بذلك قد سدَّت باب الفتنة من ناحيتها ويكون لغض بصر الرجل دور في إخماد الفتنة ومنع تأجج الشهوات التي تؤدي إلى ارتكاب الفواحش والمنكرات ، ثم لنتساءل : هل المرأة التي لا تلتزم بالشرع وتخرج من بيتها سافرة قد غطت وجهها بالمساحيق ، هل هي حقاً حرة ؟" أم أنها أسيرة من حيث لا تدري ، وإلا فبماذا نفسر عدم قدرتها على مغادرة المنزل إلا بعد أن تسحق بشرتها بأنواع السحوق ..." .
وبماذا نفسر العري الإباحي الذي يأبى أن يستر إلا مساحة قليلة من الجسد ، هل يدل تصرف مثل هذا على التحرر الفكري لمن تمارسه ، أم يدل على سعي حثيث للفت نظر شباب يجدون في اتباع موضة رخيصة تحرراً وعصرنة ؟ ويعتبرون من تحافظ على حشمتها مثالاً للرجعية والتخلف ؟
إن مثل هذا النوع من النساء نوع جاهل إذ تعتقد الواحدة منهن أن ما تفعله من تبرج وزينة يمكن أن يجلب إليها الأنظار أو يجلب لها الأزواج ، لا ، إن الواقع غير هذا تماماً ، فالرجل الشرقي قد يعجب بالشكل واللباس الإباحي لمتعة النظر واللمس أحياناً أما عند الزواج فإن الأمر يختلف ، وقد وصف د. محمد سعيد رمضان البوطي حال رجل اليوم بقوله : إن الرجال اليوم " نظروا فوجدوا فرص المتعة الخلفية المستورة قد كثرت أمامهم بفعل بحث النساء عن أزواج لهن في المجتمع ، وأعجبهم الوضع .. فازدادوا تثاقلاً وزهداً في الزواج ، لتزداد النساء بحثاً عنهم وسعياً وراءهم ، وهكذا كان سعي المرأة في البحث عن الزوج أهم سبب من أسباب فقدها له " .
الموضوع : حجاب المرأة المصدر : منتديات اضواء الاسلام الكاتب: atefbbs