م أيمن بركة بنت ثعلبة
نسبها :
بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن ، وهي أم أيمن، غلبت عليها كنيتها، كنيت بابنها أيمن بن عبيد ، وهي بعد أم أسامة بن زيد [1] .
وقد أسلمت قديمًا أول الإسلام ، وهاجرت إلى الحبشة وإلى المدينة ، وبايعت رسول الله [2] .
من مواقفها مع الرسول :
من المواقف الرائعة التي حدثت بين أم أيمن والرسول أنه لما حضرت بنت رسول الله صغيرة ، فأخذها رسول الله فضمها إلى صدره ثم وضع يده عليها فقضت ، وهي بين يدي رسول الله، فبكت أم أيمن فقال لها رسول الله : " يا أم أيمن ، أتبكين ورسول الله عندك ؟" فقالت : ما لي لا أبكي ورسول الله يبكي. فقال رسول الله : " إني لست أبكي ولكنها رحمة " ، ثم قال رسول الله : "المؤمن بخير على كل حال تنزع نفسه من بين جنبيه وهو يحمد الله " [3] .
وقالت أم أيمن رضي الله عنها : قام النبي من الليل إلى فخارة من جانب البيت فبال فيها ، فقمت من الليل وأنا عطشى فشربت ما في الفخارة وأنا لا أشعر، فلما أصبح النبي قال : " يا أم أيمن ، قومي إلى تلك الفخارة فاهريقي ما فيها ". قلت : قد والله شربت ما فيها . قال: فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه ، ثم قال : " أما أنك لا يفجع بطنك بعده أبدًا " [4] .
وكان رسول الله يقول لأم أيمن : " يا أمه " ، وكان إذا نظر إليها قال : " هذه بقية أهلي بيتي" .
وقد روت عن النبي العديد من الأحاديث ، منها "عن أم أيمن - رضي الله عنها - أن النبي أوصى بعض أهل بيته ، فقال : " لا تشرك بالله وإن عذبت وإن حرقت ، وأطع ربك ووالديك وإن أمراك أن تخرج من كل شيء فاخرج ، ولا تترك الصلاة متعمدًا ؛ فإنه من ترك الصلاة متعمدًا فقد برئت منه ذمة الله ، إياك والخمر فإنها مفتاح كل شر، وإياك والمعصية فإنها تسخط الله ، لا تنازعن الأمر أهله ، وإن رأيت أنه لك لا تفر من الزحف ، وإن أصاب الناس موت وأنت فيهم فاثبت ، أنفق على أهلك من طولك ولا ترفع عصاك عنهم ، وأخفهم في الله ".
وعن أم أيمن قالت : قال رسول الله : " لا يقطع السارق إلا في حجفة ". وقومت على عهد رسول الله دينارًا أو عشرة دراهم .
من مواقفها مع الصحابة :
مع أنس بن مالك :
يقول أنس : كان الرجل يجعل للنبي النخلات حتى افتتح قريظة والنضير ، وإن أهلي أمروني أن آتي النبي فأسأله الذي كانوا أعطوه أو بعضه ، وكان النبي قد أعطاه أم أيمن ، فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي تقول : كلا والذي لا إله إلا هو ، لا يعطيكم وقد أعطانيها ، أو كما قالت. والنبي يقول : " لَكِ كَذَا " . وتقول : كلا والله حتى أعطاها - حسبت أنه قال - عشرة أمثاله ، أو كما قال [5] .
قال أبو بكر بعد وفاة رسول الله لعمر: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها ، كما كان رسول الله يزورها . فلما انتهينا إليها بكت ، فقالا لها : ما يبكيك ؟ ما عند الله خير لرسوله . فقالت : ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله ، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء . فهيجتهما على البكاء ، فجعلا يبكيان معها [6] .
كلماتها :
عن أم أيمن - رضي الله عنهما – قالت : " ما رأيت رسول الله شكا صغيرًا ولا كبيرًا جوعًا ولا عطشًا، كان يغدو فيشرب من ماء زمزم ، فأعرض عليه الغداء فيقول : لا أريده أنا شبع " .
وقالت أم أيمن يوم قتل عمر: اليوم وهي الإسلام [7] .
وقالت أم أيمن ترثي النبي :
عين جودي فإن بذلك للدمـع *** شفـاء فأكثـري م البكـاء
حين قالوا الرسول أمسى فقيـدا *** ميتـا كان ذاك كل البـلاء
وابكيا خير من رزئناه في الدنيـا *** ومن خصه بوحــي السماء
بدموع غزيـرة منـك حتـى *** يقضي الله فيك خيـر القضـاء
فلقد كان ما علمت وصـولا *** ولقد جاء رحمة بالضيـاء
ولقد كان بعد ذلك نــورا *** وسراجا يضيء في الظلماء
طيب العود والضريبة والمعدن *** و الخيـم خاتـم الأنبيـاء[8]
وفاتها :
اختلف في وفاتها ، قال ابن كثير : " توفيت بعد النبي بخمسة أشهر ، وقيل ستة أشهر ، وقيل إنها بقيت بعد قتل عمر بن الخطاب " .
وجاء في مستدرك الحاكم : " توفيت أم أيمن مولاة رسول الله وحاضنته في أول خلافة عثمان بن عفان" [9] .
المصادر :
[1] ابن عبد البر : الاستيعاب 1/578 .
[2] ابن الأثير : أسد الغابة 7/325 .
[3] سنن النسائي ، باب في البكاء على الميت (1843) ، 4/12 . قال الألباني : صحيح .
[4] الحاكم : المستدرك 4/70 .
[5] صحيح البخاري : باب مرجع النبي من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم (3894) ، 4/1510 .
[6] صحيح مسلم : باب من فضائل أم أيمن رضي الله عنها (6472) ، 7/144.
[7] الهيثمي : مجمع الزوائد 9/418 .
[8] ابن سعد : الطبقات الكبرى 2/332 .
[9] الحاكم : المستدرك 4/71 .
الموضوع : صحابة و صحابيات المصدر : منتديات اضواء الاسلام الكاتب: شهد شحاتة