يروى انهشام بن عبد الملك رحمة الله تعالى عليه خليفة المؤمنين المعروف حج ذات مرة، ويظهر أنه حج في عهد أبيه عبد الملك بن مروان ، فلما أراد أن يقبل الحجر الأسود وكان الناس لا يعرفونه لم يفسح له أحد المجال، فقبله على زحمة من الناس ثم مضى إلى جانب الكعبة، فجاء زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، فلما أراد أن يقبل الحجر عرفه الناس، فانزاحوا عنه وأفسحوا له الطريق حتى قبل الحجر، فلما رأى ذلك هشام أراد أن يصرف وجوه أهل الشام عن زين العابدين علي فقال من باب التهكم -وهو يعرف زين العابدين- قال: من هذا؟ يريد أن يبين أن هذه شخصية نكرة من النكرات، فكان من سوء حظ هشام أن الفرزدق كان موجوداً عند البيت، فارتجل تلك القصيدة التي يمدح بها زين العابدين قال:
............... ............... ............... ............... ....
هذا الذي تَعرِف البطحاءُ وطأَتَه ... والبَيْتُ يَعْرِفُه والحِلُّ والحرمُ
هذا ابنُ خيرِ عبادِ الله كلِّهم ... هذا التقيُّ النقيُّ الطاهرُ العَلَمُ
هذا ابنُ فاطمةٍ إن كنتَ جاهلهُ ... بجدِّه أنبياءُ الله قد خُتِمُوا
وليس قولُك مَن هذا بضائرِه ... العُرْبُ تعرِف مَنْ أنكرتَ والعجم
إذا رأته قريشٌ قال قائلها ... إلى مكارمِ هذا ينتهي الكرمُ
يُغْضِي حياءً ويُغْضى من مهابته ... فما يُكَلَّمُ إلا حين يَيْتَسِم
بكَفّه خيزُرانٌ رِيحُها عَبِقٌ ... من كفّ أروعَ في عِرْنينه شمم
يكاد يُمسكه عِرْفانَ راحته ... رُكنُا لحطيم إذا ما جاء يستلم
الله شرَّفه قِدْماً وعَظّمه ... جَرَى بذاك له في لوحِه القلم
أيُّ الخلائق ليست في رقابهم ... لأَوَّلِيَّه هذا أولَهُ نِعَمُ
مَنْ يشكرِ الله يشكرْ أَوّليَّة ذا ... فالدِّين من بيت هذا ناله الأمم
يَنْمِي إلى ذِروة الدين التي قَصُرت ... عنها الأكفُّ وعن إدراكها القَدَمُ
مَنْ جَدُّه دان فَضْلُ الأنبياء له ... وفَضْلُ أمَّته دانت له الأمم
مُشتقَّةٌ من رسول الله نَبعتُه ... طابت مغارسُه والخِيمُ والشِّيَمُ
ينشقُّ ثَوبُ الدُّجى عن نُور غُرَّته ... كالشمس تنجابُ عن إشراقها الظُلم
مِنْ معشرٍ حبُّهم دينٌ وبغضهمُ ... كُفْرٌ وقُرْبُهُم مَنْجىً ومُعْتَصِمُ
مُقَدَّمٌ بعد ذكر الله ذِكرُهُم ... فيكلِّ بدْء ومختومٌ به الكَلِم
إن عُدَّ أهلُ التُّقى كانوا أئمتَهم ... أو قيل مَنْ خيرُ أهل الأرض قيلَ همُ
لا يستطيع جوادٌ كنهَ جودهمُ ... ولا يدانيهمُ قومٌ وإن كرموا
يُسْتَدْفَع الشّرُّ والبلوى بحبِّهمُ ... ويستربُّ به الإِحْسانُ والنِّعَمُ
مِنْ معشرٍ حبُّهم دينٌ وبغضهمُ ... كُفْرٌ وقُرْبُهُم مَنْجىً ومُعْتَصِمُ
مُقَدَّمٌ بعد ذكر الله ذِكرُهُم ... في كلِّ بدْء ومختومٌ به الكَلِم
إنعُدَّ أهلُ التُّقى كانوا أئمتَهم ... أو قيل مَنْ خيرُ أهل الأرض قيلَ همُ
لا يستطيع جوادٌ كنهَ جودهمُ ... ولا يدانيهمُ قومٌ وإن كرموا
يُسْتَدْفَع الشّرُّ والبلوى بحبِّهمُ... ويستربُّ بها الإِحْسانُ والنِّعَمُ
فلما قالها انصرفت وجوه الناس من هشام إلى زين العابدين بن علي ، وكانت تلك القصيدة سبباً في أن هشاماً سجن الفرزدق ؛ لأنه مدح زين العابدين علي على ملأ من الناس.
الموضوع : قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين علي بن الحسين المصدر : منتديات اضواء الاسلام الكاتب: بحرالأمل