| (...فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء...) | |
|
صاحبة الرأي
مدينتى : في ارض الله الوسعه
تقيم نشاط المنتدى : 17266
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 74
تاريخ التسجيل : 31/07/2010
| موضوع: (...فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء...) السبت ديسمبر 11, 2010 3:11 pm | |
| ,,
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد فإن شهر الله المحرّم شهر عظيم مُبارك وهو أول شهور السنّة الهجرية ، وأحد الأشهر الحُرُم التي قال الله جل جلاله فيها : { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ .. } الآية (36) سورة التوبة
وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" .. السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ." رواه البخاري 2958 والمُحرم سُمي بذلك لكونه شهرا مُحرما ، وتأكيدا لتحريمه ..
وقوله تعالى : ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) " أي في هذه الأشهر المُحرمة لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها . وعن ابن عباس رضى الله عنهما في قوله تعالى : ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) في كلهن ، ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حراما وعظّم حُرماتهن وجعل الذنب فيهن أعظم والعمل الصالح والأجر أعظم ،
وقال قتادة في قوله " فلا تظلمـوا فيهن أنفسكم " إن الظّلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواها . وإن كان الظلم على كل حال عظيما ولكن الله يُعظّم من أمره ما يشاء ،
وقال : إن الله اصطفى صفايا من خلقه : اصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس رسلا ، واصطفى من الكلام ذكره ، واصطفى من الأرض المساجد ، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم ، واصطفى من الأيام يوم الجمعة ، واصطفى من الليالي ليلة القدر فعظموا ما عظّم الله . فإنما تُعَظّم الأمور بما عظمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل . " انتهى ملخّصا من تفسير ابن كثير رحمه الله : تفسير سورة التوبة آية 36 ..
فضل الإكثار من صيام النافلة في شهر محرّم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ . " رواه مسلم 1982 ،،، قوله : ( شهر الله ) إضافة الشّهر إلى الله إضافة تعظيم ، قال القاري : الظاهر أن المُراد جميع شهر المحرّم . ولكن قد ثبت أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم شهرا كاملا قطّ غير رمضان فيُحمل هذا الحديث على الترغيب في الإكثار من الصّيام في شهر مُحرم لا صومه كله . وقد ثبت إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم في شعبان , ولعلّ لم يُوحَ إليه بفضل المحرّم إلا في آخر الحياة قبل التمكّن من صومه .. شرح النووي رحمه الله على صحيح مسلم
الله يصطفي ما يشاء من الزمان والمكان قَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ رحمه الله : وَتَفْضِيلُ الْأَمَاكِنِ وَالْأَزْمَانِ ضَرْبَانِ : أَحَدُهُمَا : دُنْيَوِيٌّ .. وَالضَّرْبُ الثَّانِي : تَفْضِيلٌ دِينِيٌّ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ اللَّهَ يَجُودُ عَلَى عِبَادِهِ فِيهَا بِتَفْضِيلِ أَجْرِ الْعَامِلِينَ , كَتَفْضِيلِ صَوْمِ رَمَضَانَ عَلَى صَوْمِ سَائِرِ الشُّهُورِ , وَكَذَلِكَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ .. فَفَضْلُهَا رَاجِعٌ إلَى جُودِ اللَّهِ وَإِحْسَانِهِ إلَى عِبَادِهِ فِيهَا .. قواعد الأحكام 1/38
فضل صيام عاشوراء عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلّا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ . " رواه البخاري 1867 ،، ومعنى " يتحرى " أي يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " صيام يوم عاشوراء ، إني أحتسب على الله أن يُكفر السنة التي قبله . " رواه مسلم 1976 ، وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة والله ذو الفضل العظيم .
أي يوم هو عاشوراء : قال النووي رحمه الله : "عاشوراءُ وتاسوعاءُ اسمان ممدودان ، هذا هو المشهور في كتب اللغة . قال أصحابنا : عاشوراء هو اليوم العاشر من المُحرَّم ، وتاسوعاء هو اليوم التّاسع منه .. وبه قال جُمْهُورُ العلماء .. وهو ظاهر الأحاديث ومُقتضى إطلاق اللفظ ، وهو المعروف عند أهل اللغة".(المجموع) .
"وهو اسم إسلامي لا يعرف في الجاهلية". (كشاف القناع ج2 صوم المحرم).
وقال ابن قدامة رحمه الله :عاشوراء هو اليوم العاشر من المُحرم . وهذا قول سعيد بن المسيب والحسن ، لما روى ابنُ عبّاس رضى الله عنهما ، قال: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم يوم عاشوراء العاشر من المُحرم» ،،، [رواه الترمذي. وقال : حديث حسن صحيح].
استحباب صيام تاسوعاء مع عاشوراء: روى عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : «حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ". قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» [رواه مسلم 1916].
قال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون : "يُستحب صوم التاسع والعاشر جميعاً ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر ، ونوى صيام التاسع ". وعلى هذا فصيام عاشوراء على مراتب : أدناها أن يُصام وحده ، وفوقه أن يُصام التاسع معه ، وكلّما كثر الصيام في شهر الله المُحرّم كان أفضل وأطيب .
الحكمة من استحباب صيام تاسوعاء : قال النووي رحمه الله : "ذكر العلماء من أصحابنا وغيرهم في حكمة استحباب صوم تاسوعاء أوجهاً : أَحَدُهَا : أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ . الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصَوْمٍ ، كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ، ذَكَرَهُمَا الْخَطَّابِيُّ وَآخَرُونَ . الثَّالِثَ : الاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَ نَقْصِ الْهِلالِ ، وَوُقُوعِ غَلَطٍ ، فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَ الْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ". انتهى وأقوى هذه الأوجه هو مُخالفة أهل الكتاب ،قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِثْلُ قَوْلِهِ في عَاشُورَاءَ : «لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِلٍ لاَصُومَنَّ التَّاسِعَ»". (الفتاوى الكبرى ج6 سد الذرائع المفضية إلى المحارم) .
وقال ابن حجر رحمه الله في تعليقه على حديث :«لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع » ما همّ به من صوم التاسع يُحتمل معناه أن لا يقتصر عليه بل يُضيفه إلى اليوم العاشر إما احتياطاً له وإما مُخالفة لليهود والنصارى وهو الأرجح وبه يُشعر بعض روايات مسلم ".
حكم إفراد عاشوراء بالصيام : قال شيخ الإسلام :"صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ وَلا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ.". (الفتاوى الكبرى ج5). وفي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي : "وعاشوراء لا بأس بإفراده.." (ج3 باب صوم التطوع).
يُصام عاشوراء ولو كان يوم سبت أو جمعة : ورد النهي عن إفراد الجمعة بالصوم ، والنهي عن صوم يوم السبت إلا في فريضة ولكن تزول الكراهة إذا صامهما بضمّّ يوم أو إذا وافق عادة مشروعة كصوم يوم وإفطار يوم أو نذراً أو قضاءً أو صوماً طلبه الشارع كعرفة وعاشوراء .. (تحفة المحتاج ج3 باب صوم التطوع، مشكل الآثار ج2: باب صوم يوم السبت).
وقال البهوتي رحمه الله : "وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ إفْرَادِ يَوْمِ السَّبْتِ بِصَوْمٍ لِحَدِيثِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ أُخْتِهِ : «لا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ» ،، [رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ] وَلأَنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ فَفِي إفْرَادِهِ تَشَبُّهٌ بِهِمْ .. (إلا أَنْ يُوَافِقَ) يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَوْ السَّبْتِ (عَادَةً) كَأَنْ وَافَقَ يَوْمَ عَرَفَةَ أَوْ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَكَانَ عَادَتَهُ صَوْمُهُمَا فَلا كَرَاهَةَ; لأَنَّ الْعَادَةَ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي ذَلِكَ".(كشاف القناع ج2 : باب صوم التطوع) .
صيام عاشوراء ماذا يكفّر؟ قال الإمام النووي رحمه الله :"يُكَفِّرُ كُلَّ الذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ ، وَتَقْدِيرُهُ يَغْفِرُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا إلا الْكَبَائِرَ . ثم قال رحمه الله : صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ ، وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ ، وَإِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ... كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ ، فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنْ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً كُتِبَتْ بِهِ حَسَنَاتٌ ، وَرُفِعَتْ لَهُ بِهِ دَرَجَاتٌ وَإِنْ صَادَفَ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغَائِرَ، رَجَوْنَا أَنْ تُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ".(المجموع شرح المهذب ج6 صوم يوم عرفة).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"وَتَكْفِيرُ الطَّهَارَةِ ، وَالصَّلَاةِ ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ ، وَعَرَفَةَ ، وَعَاشُورَاءَ لِلصَّغَائِرِ فَقَطْ". (الفتاوى الكبرى ج5).
عدم الاغترار بثواب الصيام : يَغْتَرُّ بَعْضُ الْمَغْرُورِينَ بِالاعْتِمَادِ عَلَى مِثْلِ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَوْ يَوْمِ عَرَفَةَ ، حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ : صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ ذُنُوبَ الْعَامِ كُلِّهَا ، وَيَبْقَى صَوْمُ عَرَفَةَ زِيَادَةٌ فِي الأَجْرِ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ :"لَمْ يَدْرِ هَذَا الْمُغْتَرُّ أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَهِيَ إنَّمَا تُكَفِّرُ مَا بَيْنَهُمَا إذَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ ، فَرَمَضَانُ إلَى رَمَضَانَ ، وَالْجُمُعَةُ إلَى الْجُمُعَةِ لا يَقْوَيَانِ عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ إلَّا مَعَ انْضِمَامِ تَرْكِ الْكَبَائِرِ إلَيْهَا ، فَيَقْوَى مَجْمُوعُ الأَمْرَيْنِ عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ . وَمِنْ الْمَغْرُورِينَ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ طَاعَاتِهِ أَكْثَرُ مِنْ مَعَاصِيهِ ، لاَنَّهُ لا يُحَاسِبُ نَفْسَهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ ، وَلا يَتَفَقَّدُ ذُنُوبَهُ ، وَإِذَا عَمِلَ طَاعَةً حَفِظَهَا وَاعْتَدَّ بِهَا ، كَاَلَّذِي يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بِلِسَانِهِ أَوْ يُسَبِّحُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ ، ثُمّ يَغْتَابُ الْمُسْلِمِينَ وَيُمَزِّقُ أَعْرَاضَهُمْ ، وَيَتَكَلَّمُ بِمَا لا يَرْضَاهُ اللَّهُ طُولَ نَهَارِهِ ، فَهَذَا أَبَدًا يَتَأَمَّلُ فِي فَضَائِلِ التَّسْبِيحَاتِ وَالتَّهْلِيلاتِ وَلا يَلْتَفِتُ إلَى مَا وَرَدَ مِنْ عُقُوبَةِ الْمُغْتَابِينَ وَالْكَذَّابِينَ وَالنَّمَّامِينَ ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ ، وَذَلِكَ مَحْضُ غُرُورٍ" . (الموسوعة الفقهية ج31: غرور).
صيام عاشوراء وعليه قضاء من رمضان : اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ التَّطَوُّعِ بِالصَّوْمِ قَبْلَ قَضَاءِ رَمَضَانَ ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى جَوَازِ التَّطَوُّعِ بِالصَّوْمِ قَبْلَ قَضَاءِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ ، لِكَوْنِ الْقَضَاءِ لا يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى الْجَوَازِ مَعَ الْكَرَاهَةِ ، لِمَا يَلْزَمُ مِنْ تَأْخِيرِ الْوَاجِبِ ، قَالَ الدُّسُوقِيُّ : يُكْرَهُ التَّطَوُّعُ بِالصَّوْمِ لِمَنْ عَلَيْهِ صَوْمٌ وَاجِبٌ ، كَالْمَنْذُورِ وَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ ، سَوَاءٌ كَانَ صَوْمُ التَّطَوُّعِ الَّذِي قَدَّمَهُ عَلَى الصَّوْمِ الْوَاجِبِ غَيْرَ مُؤَكَّدٍ أَوْ كَانَ مُؤَكَّدًا كَعَاشُورَاءَ وَتَاسِعِ ذِي الْحِجَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ ، وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إلَى حُرْمَةِ التَّطَوُّعِ بِالصَّوْمِ قَبْلَ قَضَاءِ رَمَضَانَ ، وَعَدَمِ صِحَّةِ التَّطَوُّعِ حِينَئِذٍ وَلَوْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِلْقَضَاءِ ، وَلا بُدَّ مِنْ أَنْ يَبْدَأَ بِالْفَرْضِ حَتَّى يُقْضِيَهُ . (الموسوعة الفقهية ج28: صوم التطوع). فعلى المسلم أن يبادر إلى القضاء بعد رمضان ليتمكن من صيام عرفة وعاشوراء دون حرج ، ولو صام عرفة وعاشوراء بنيّة القضاء من الليل أجزَأه ذلك في قضاء الفريضة ، وفضل الله عظيم .
بدع عاشوراء : سُئِلَ شَيْخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عَمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ مِنْ الْكُحْلِ ، وَالاغْتِسَالِ ، وَالْحِنَّاءِ وَالْمُصَافَحَة ِ، وَطَبْخِ الْحُبُوبِ وَإِظْهَارِ السُّرُورِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ .. هَلْ لِذَلِكَ أَصْلٌ ؟ أَمْ لا ؟
الْجَوَابُ :الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، لَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلا عَنْ أَصْحَابِهِ ، وَلا اسْتَحَبَّ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لا الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ وَلا غَيْرِهِمْ ، وَلا رَوَى أَهْلُ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ فِي ذَلِكَ شَيْئًا ، لا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلا الصَّحَابَةِ ، وَلا التَّابِعِينَ ، لا صَحِيحًا وَلا ضَعِيفًا ، وَلَكِنْ رَوَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثَ مِثْلَ مَا رَوَوْا أَنَّ مَنْ اكْتَحَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَرْمَدْ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِ ، وَمَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَمْرَضْ ذَلِكَ الْعَامِ ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ .. وَرَوَوْا فِي حَدِيثٍ مَوْضُوعٍ مَكْذُوبٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : «أَنَّهُ مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ» وَرِوَايَةُ هَذَا كُلِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَذِبٌ . ثم ذكر رحمه الله مُلخصا لما مرّ بأول هذه الأمة من الفتن والأحداث ومقتل الحسين رضي الله عنه وماذا فعلت الطوائف بسبب ذلك فقال : "فَصَارَتْ طَائِفَةٌ جَاهِلَةٌ ظَالِمَةٌ : إمَّا مُلْحِدَةٌ مُنَافِقَةٌ ، وَإِمَّا ضَالَّةٌ غَاوِيَةٌ ، تُظْهِرُ مُوَالاتَهُ وَمُوَالاةَ أَهْلِ بَيْتِهِ ، تَتَّخِذُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ مَأْتَمٍ وَحُزْنٍ وَنِيَاحَةٍ ، وَتُظْهِرُ فِيهِ شِعَارَ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ لَطْمِ الْخُدُودِ ، وَشَقِّ الْجُيُوبِ ، وَالتَّعَزِّي بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ . . وَإِنْشَادِ قَصَائِدِ الْحُزْنِ ، وَرِوَايَةِ الأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا كَذِبٌ كَثِيرٌ وَالصِّدْقُ فِيهَا لَيْسَ فِيهِ إلَّا تَجْدِيدُ الْحُزْنِ ، وَالتَّعَصُّبُ ، وَإِثَارَةُ الشَّحْنَاءِ وَالْحَرْبِ ، وَإِلْقَاءُ الْفِتَنِ بَيْنَ أَهْلِ الإسلام ، وَالتَّوَسُّلُ بِذَلِكَ إلَى سَبِّ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ .. وَشَرُّ هَؤُلاءِ وَضَرَرُهُمْ عَلَى أَهْلِ الإسلام لا يُحْصِيهِ الرَّجُلُ الْفَصِيحُ فِي الْكَلامِ . فَعَارَضَ هَؤُلاءِ قَوْمٌ إمَّا مِنْ النَّوَاصِبِ الْمُتَعَصِّبِينَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، وَإِمَّا مِنْ الْجُهَّالِ الَّذِينَ قَابَلُوا الْفَاسِدَ بِالْفَاسِدِ ، وَالْكَذِبَ بِالْكَذِبِ ، وَالشَّرَّ بِالشَّرِّ، وَالْبِدْعَةَ بِالْبِدْعَةِ ، فَوَضَعُوا الأثَارَ فِي شَعَائِرِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَالاكْتِحَالِ وَالاخْتِضَابِ ، وَتَوْسِيعِ النَّفَقَاتِ عَلَى الْعِيَالِ ، وَطَبْخِ الأَطْعِمَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْعَادَةِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُفْعَلُ فِي الأَعْيَادِ وَالْمَوَاسِمِ ، فَصَارَ هَؤُلاءِ يَتَّخِذُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مَوْسِمًا كَمَوَاسِمِ الأَعْيَادِ وَالأَفْرَاحِ ، وَأُولَئِكَ يَتَّخِذُونَهُ مَأْتَمًا يُقِيمُونَ فِيهِ الأَحْزَانَ وَالأَتْرَاحَ ، وَكِلا الطَّائِفَتَيْنِ مُخْطِئَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ السُّنَّةِ .."(الفتاوى الكبرى لابن تيمية).
وذكر ابن الحاج رحمه الله من بدع عاشوراء تعمد إخراج الزكاة فيه تأخيراً أو تقديماً ، وتخصيصه بذبح الدجاج واستعمال الحنّاء للنساء . (المدخل ج1 يوم عاشوراء).
نسأل الله أن يجعلنا من أهل سنة نبيه الكريم ، وأن يُحيينا على الإسلام ويُميتنا على الإيمان ، وأن يُوفقنا لما يُحب ويرضى . ونسأله أن يُعيننا على ذكره وشُكره وحُسن عبادته ، وأن يتقبل منا ويجعلنا من المتقين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
مــــــــــنقول
,, الموضوع : (...فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء...) المصدر : منتديات اضواء الاسلام الكاتب: صاحبة الرأي توقيع العضو/ه :صاحبة الرأي | |
|
|
| |
مهـ مع القرآن ـاجر
تقيم نشاط المنتدى : 100136746
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 84
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
| |
| |
نهلة
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 38
تاريخ التسجيل : 24/12/2009
| |
| |
صاحبة الرأي
مدينتى : في ارض الله الوسعه
تقيم نشاط المنتدى : 17266
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 74
تاريخ التسجيل : 31/07/2010
| |
| |
طائر الحرية
تقيم نشاط المنتدى : 10365
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 41
تاريخ التسجيل : 19/05/2010
| |
| |
صاحبة الرأي
مدينتى : في ارض الله الوسعه
تقيم نشاط المنتدى : 17266
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 74
تاريخ التسجيل : 31/07/2010
| |
| |
ساحر العيون
تقيم نشاط المنتدى : 12770
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 46
تاريخ التسجيل : 08/12/2009
الاوسمه ::::
| |
| |
Mr.Designer
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 30
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
| |
| |
فارٍســ الاسـلامـ
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 30
تاريخ التسجيل : 08/01/2011
| |
| |
صاحبة الرأي
مدينتى : في ارض الله الوسعه
تقيم نشاط المنتدى : 17266
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 74
تاريخ التسجيل : 31/07/2010
| |
| |
adelguitar
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 30
تاريخ التسجيل : 03/02/2011
| |
| |
صاحبة الرأي
مدينتى : في ارض الله الوسعه
تقيم نشاط المنتدى : 17266
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 74
تاريخ التسجيل : 31/07/2010
| |
| |
قناص حضرموت
تقيم نشاط المنتدى : 12002
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 48
تاريخ التسجيل : 26/03/2010
| |
| |
صاحبة الرأي
مدينتى : في ارض الله الوسعه
تقيم نشاط المنتدى : 17266
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 74
تاريخ التسجيل : 31/07/2010
| |
| |
Cuboمراقب سابق
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 30
تاريخ التسجيل : 24/09/2010
| موضوع: رد: (...فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء...) الأحد فبراير 13, 2011 2:13 am | |
| |
|
| |
| (...فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء...) | |
|