صاحبة الرأي
مدينتى : في ارض الله الوسعه
تقيم نشاط المنتدى : 17268
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 74
تاريخ التسجيل : 31/07/2010
| موضوع: لمن العـفو .♥. . الأربعاء سبتمبر 01, 2010 9:20 pm | |
|
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
•.♥.• 0]الـلهمّ إنّكَ عفوٌ تحبُ العفوَ فاعفُ عنّا ] •.♥.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.•
دعـاءٌ ارتبط بـالعشر الأواخر وبليلة القدر علّمه رسول الله للسيدة عائشة رضي الله عنها حين سألته: يـا رسول الله، أرأيتَ إن أدركتُ هذه الليلة، فـماذا أقـول ..؟ قـال قولي ..
"الـلهمّ إنّكَ عفوٌ تحبُ العفوَ فاعفُ عنّا"
فنحن في هذه الأيـام المباركة في أشـد الحـاجة لطلب عفو الله سبحـانه وتعـالى فلماذا العفو بـالذات وليس شيئاً آخر.. دعونـا نبحر في معاني العفو ونتمعن في أسراره.. حتى نطلب العفو من العفوّ الكريم على نورٍ وبصيرة ..
•.♥.• 0]معنى العـفو ] •.♥.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •
معنى العفو أي : التجـاوز عن الـذنب ، وترك العقاب عليه .. وأصله المحو والطَّمْسُ . [ المطلع على أبواب المقنع 360 ] .
والعـفوُّ سبحـانه : هو الـذي يحب العفو والستر ، ويصفح عن الذنوب مهما كان شأنها ، ويستر العيوب ولا يحب الجهر بها ، يعفو عن المسيء كَرَمًا وإحسانًا ، ويفتح واسع رحمته فضلاً وإنعاماً ، حتى يزول اليأس من القلوب ، وتتعلق في رجائها بمقلب القلوب.
قـال القرطبي( رحمه الله) .. " العـفو عفو الله جل وعز عن خلقه ، وقد يكون بعد العقوبة وقبلها بخلاف الغفران فإنه لا يكون معه عقوبة البتة ، وكل من استحق عقوبة فتركت له فقد عفي عنه ، فالعفو محو الذنب " .
والمقصود بمحو الذنب .. محو الـوزر الموضوع على فعل الذنب ، فتكون أفعـال العبد مخـالفات أو كبائر ومحرمـات ثم بـالتوبة الصادقة يبدل الله سيئاته حسنات .. قـال تعـالـى :
{ إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً } [ الفرقان70 ]
فتُمحى السيئات عفواً وتستبدل بـالحسنات ، أما الأفـعال فهي في كتاب العبد حتى يلقي ربه فيدنيه منه ، ويعرفه بذنبه وسوء فعله ، ثم يسترها عليه ..
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قـال :
" إِنَّ اللَّهَ يُدْنِى الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ : أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ أَيْ رَبِّ ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَـالَ : سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا ، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ : هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ ، أَلاَ لَعْنَةُ الله عَلَى الظَّالِمِينَ ". [ أخرجه البخاري ] .
•.♥.• ]الله هو العـفوّ الغـفور ] •.♥.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •
قـال ابن الأثير في النهاية/3: 265 " من أسـماء الله تعـالى ( العـفوّ) , وهو فعول من العَفْوِ وهو : التجـاوز عن الـذنب وترك العقاب عليه, وأصله المـحو والطـمس, وهو من أبنية المـبالـغة ".
قـال الغـزالي : " والعـفوّ صفة من صفات الله تعـالى وهو الذي يمحو السيئات ويتجـاوز عن المعاصي , وهو قريب من الغفور ولكنه أبلغ منه, فـإن الغفران ينبئ عن الستر والعفو ينبئ عن المحْوِ , والمحو أبلغ من الستر .
وحـظ العبد من ذلك لا يخفى , وهو أن يعفو عن كل من ظلمه بل يحسن إليه , كما يُرى اللهُ تعالى محسنا في الدنيا إلى العصاة والكفرة غير معاجل لهم بالعقوبة , بل ربما يعفو عنهم بأن يتوب عليهم , وإذا تـاب عليهم محـا سيئاتهم , إذ التائب من الذنب كمن لا ذنب له , وهذا غاية المحو للجناية ." ( المقصد الأسنى/140 )
وقـال ابن القيم(رحمه الله تعالى): " ومن حكمة الله ( عز وجل ) تعريفه عبده أنه لا سبيل له إلى النجـاة إلا بعفوه ومغفرته, وإلا فهو من الهالكين لا محـالة فليس أحد من خلقه إلا وهو محتاج إلى فضله ورحمته." ( مفتاح دار السعادة/1: 313).
ما أعـظم الله جل وعلا ، ما أرأفه بخلقه ، وما أرحمه بعباده ، يتحمل أخطاءهم ، ويصبر على أذاهم وهو قـادر على تعذيبهم ، ولكنه العفو الغفور .. عن أبي موسى( رضي الله عنه) عنِ النبيِ (صلى الله عليه وسلم )قـال :
" مَا أَحَدٌ أَصْبَرَ عَلَىٰ أَذىً يَسْمَعُهُ مِنَ اللّهِ تَعَالَىٰ ، إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَهُ نِدًّا ، وَيَجْعَلُونَ لَهُ وَلَداً ، وَهُوَ مَعَ ذٰلِكَ يَرْزُقُهُمْ وَيُعَافِيهِمْ وَيُعْطِيهِمْ " [ متفق عليه واللفظ لمسلم ] .
قـال تعـالـى :
{ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } [ الشورى25 ] .
ومن كرمه سبحانه وتعالى أنه يبتلي عباده بـالمصائب ليطهّرهم ويذكّرهم لعلهم يعودون إلى خـالقهم تائبين منيبين :
{ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى30]. { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41]
•.♥.• ]الفرق بين العـفو والغـفران ] •.♥.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.•
يتمثل الفرق بين العـفو والغـفران في أمور عديدة أهمها:
* أن الغـفران : يقتضي إسقاط العقاب ونيل الثواب , ولا يستحقه , إلا المؤمن ولا يكون إلا في حق البارئ تعـالى.
* أما العـفو : فـإنه يقتضي إسـقاط اللوم والـذم ولا يقتضي نيل الثواب , ويستعمل في العبد أيضا .
* العـفو .. قـد يكون قبل العقوبة أو بعدها .. أما الغفران .. فـإنه لا يكون معه عقوبة البتة ولا يوصف بالعفو إلا القادر عليه .
* في العـفو إسقاط للعقاب .. وفي المغـفرة ستر للذنب وصون من عذاب الخزي والفضيحة . ( الكليات للكفوي/ 632-666 )
•.♥.• ]الفرق بين الصفح والعـفو ] •.♥.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •
الصفح والعـفو متقاربـان في المعنى فيقال : صفحت عنه : أعرضت عن ذنبه وعن تثريبه.
إلا أن الصفح أبلغ من العـفو فقد يعفو الإنسان ولا يصفح , وصفحت عنه أوليته صفحة جميلة. ( بصائر ذوي التمييز/3 :421).
فالصفح تـرك المؤاخذة ، وتصفية القلب ظاهراً وباطناً ، ولقد دعا الله جل وعلا إلى الصفح ودعاه بـالجميل ، فقال سبحانه وتعـالى :
{ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ } [ الحجر85 ] .
والصفح أبلغ من العـفو ، ولذلك قـال الله تعـالى :
{ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ البقرة109 ] [ الموسوعة الفقهية 30/167 ، نضرة النعيم 7/2890 ] .
قـال الكفوي : " الصفح أبلغ من العفو .. لأن الصفح : تجــاوز عن الـذنب بالكلية واعتباره كأن لم يكن .
أما العفو :فإنه يقتضي إسقاط اللوم والذم فقط , ولا يقتضي حصول الثواب ." ( الكليات للكفوي/666 ) .
•.♥.•0]شروط العـفو والمغـفرة ]•.♥.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •
هناك فهمٌ سـاذج بـأن الله غفور رحيم على الإطلاق, لا ، غفور رحيم إذا تبت إليه ،رجعت إليه تائباً ، مستقيماً ، مقلعاً عن الذنب ، الله عز وجل يقول :
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [الزمر 53]
تتمة الآية :
{وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُون,َ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ,أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزمر 54-56].
يعني غفور رحيم إن عدت إليه ، غفور رحيم إذا تبت إليه ، غفور رحيم إذا أنبت إليه ، غفور رحيم إذا استغفرته.
أعظم ما في هذا الدين أنَّ الإنسان مهما بلغت إساءته ، ومهما بلغت ومهما تفاقمت ذنوبه ، ومهما شرد عن ربِّه ، ومهما انغمس في المعاصي فلمجرِّد أن يقول :
يـا رب لقد تُبت إليك . يقول الله عزَّ وجلَّ :
لبَّيك عبدي وأنا قبلت .
في الحـديث القدسي: "يقول الله تعالى : من عمل حسنة ، فله عشر أمثالها . وأزيد ، ومن عمل سيئة فجزاؤها مثلها ، أو أغفر ، ومن عمل قراب الأرض خطيئة ، ثم لقيني لا يشرك بي شيئا جعلت له مثلها مغفرة ، ومن اقترب إلى شبرا ، اقتربت إليه ذراعا ، ومن اقترب إلي ذراعا ، اقتربت إليه باعا ، ومن أتاني يمشي ، أتيته هرولة " . صحيح الجامع.
فباب التوبةُ مفتوح لمن غلبته نفسه ، لمن زلَّت قدمه ، لمن طُمِست بصيرته ، لمن آثر الشهوة فباب التوبة مفتوح .. ماذا يُكمِّل فكرة أنَّ هذا الباب مفتوح ؟ يكمّلها أنَّ الله عفوّ .. لولا أنَّه عفوّ ما فتح بـاب التوبة . الله يحب أن يتوب على عباده فهو لم يخلقهم ليعذبهم..وما أمرك الله أن تستغفره إلا ليغفر لك ، وما أمرك الله أن تتوب إليه إلا ليتوب عليك ، وما أمرك أن تسأله إلا ليعطيك.
{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } [النساء 27]
وفي الحـديث القدسي: "يقول الله تعالى : أنـا عند ظن عبدي بي ، وأنـا معه حين يذكرني ، والله لله أفرح بتوبة عبده من أحـدكم يجد ضالته بـالفلاة..." . صحيح.
ولكن نكرر, لمن العفو..؟ ولمن التوبة..؟
{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } [النساء 17].
※ العـفو منك إلهي والـذنب جـاء مني والظن فيك جميلٌ حسّن يـا ربـي ظنيّ ※ يـا ربي أنت رجــائي أنت يـا مجيب دعـائي اغفر يـا ربي ذنوبـي واستر يـا ربي عيوبي أنت مولاي ارحـمني واعـفو عني ※
•.♥.•0]من أراد عفو الله .. فليعفُ عن الناس] •.♥.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.•.•
عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قـال:
"تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ، ويوم الخميس . فيغفر لكل عبد لا يشرك بـالله شيئا .. إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء . فيقال : أنظروا هذين حتى يصطلحا . أنظروا هذينحتى يصطلحا . أنظروا هذين حتى يصطلحا " . صحيح مسلم.
هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اُخبر بليلة القدر تحديدا ولكنه عندما خرج ليخبر بها أصحابه نسيها بسبب رجلين كانا يختصمان..
في الحـديث عن أبي سعيد الخـدري ( رضي الله عنه)أنه قـال: اعتكف رسول الله (صلى الله عليه وسلم )العشر الأواسط من رمضان يلتمس ليلة القدر قبل أن تبان له ، فلما انقضين أمر بالبناء فقوض ، ثم أبينت له أنها في العشر الأواخر ، فـأمر بـالبـناء فأعيد ، ثم خرج على الناس فقال : "يـا أيها الناس إنه كانت أبينت لي ليلة القدر ، وإني خرجت لأخبركم بها ، فجـاء رجلان يختصمان معهما الشيطان فنسيتها ، فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان ، التمسوها في التاسعة والسابعة والخـامسة" .
"الكثير منا لا يعفو عن إخوانه .. فهو يريد العـفو من الله ولكنه لا يستطيع أن يصدر عفوا عمن أساء إليه.. والله يعفو عنا وهو الذي خلقنا ورزقنا وأعطانا وكفانا وشفانا وعـافـانـا، بينما نحن لا نعفو عن البشر ولم نخلقهم ولم نرزقهم ولم نطعمهم من جوع ولم نؤمنهم من خوف. كيف نريد المسامحة من رب العباد ونحن لم نسامح عباده..؟ بل تجد عندنـا تحفظات على أخطائهم وملفات لزلاتهم، وذاكرة لا تنسى أغلاطهم، والغالب علينا نحن البشر أننا نحفظ الإساءة وننسى الإحسان، فهل آن لنا في شهر رمضان ونحن نقف في المساجد بـاكين خـاشعين، نطلب من ربنا أن يعتق رقـابنا من النار ولكننا لم نعتق رقـاب الناس من تربصنا وتهديدنـا ووعيدنـا، إذا لم نصدر عفوا عاما عن عباد الله ونعفيهم من القصاص والانتقام والتربص، أفلا نخجل من حــالنا ونحن نمد أيدينا إلى ربنا ونقول:
«ربنا إننا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخـاسرين» ..؟!!
إن من أراد العـفو من الله فلا بد أن يهيئ أسباب القبول .. فيغسل قلبه من الحسد والحقد والكراهية والبغضاء والشحناء" . د. عـائض القرني.
•.♥.• 0]فضل العـفو والعافين عن الناس ] •.♥.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •
الله سبحانه وتعـالى أرشدنا إلى العفو وأنه من تقوى الله تعـالى ، وهو مما يحبه الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم ) قـال الله تبارك وتعـالى :
{ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [ البقرة237 ] .
الله جل وعلا يحب العافين ، أفلا نكون من العافين ، من الذين يحبون العفو ، من الذين يحبون ربهم وينفذون أمره ، ويقبلون إرشاده وتوجيهه ، أفلا نرغب في جنة عرضها السموات والأرض أعدت للعافين عن الناس ، والمتنازلين عن الحقوق ، اسمعوا قول الله تعـالى :
{ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ , الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [ آل عمران 133-134 ] .
العـفو سـمة الأتقياء ، وشـارة الأوفياء ، والعـبَّاد الأنقياء ، العـفو يزيد في حسنات الميت ، والعـافي عن الجـاني ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَـالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ( صلى الله عليه وسلم) يَقُولُ :
" مَا مِنْ رَجُلٍ يُجْرَحُ في جَسَدِهِ جِرَاحَةً فَيَتَصَدَّقُ بِهَا ، إلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى عَنْهُ مِثْلَ مَا تَصَدَّقَ بِهِ ". [ أخرجه أحمد ورجاله رجال الصحيح ، وقال الألباني صحيح لغيره ] .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ( رضي الله عنه ) قـال الله تعالى : عَنْ رَسُولِ اللّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَـالَ :
" مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ ، وَمَا زَادَ اللّهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا ، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللّهُ ". [ أخرجه مسلم ] .
وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَـالَ : " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُشْرَفَ لَهُ الْبُنْيَانُ ، وَتُرْفَعَ لَهُ الدَّرَجَاتُ ، فَلْيَعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَهُ ، وَيُعْطِ مَنْ حَرَمَهُ ، وَيَصِلْ مَنْ قَطَعَهُ ". [ أخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ] .
إنّ العـفو والتجــاوز لا يقتضِي الذّلَّةَ والضعف ، بل إنه قمَّة الشجاعة والامتنانِ وغلَبَة الهوى ، لاسيَّما إذا كان العفوُ عند المقدِرَة على الانتصار ، فقد بوَّب البخاريّ رحمه الله في صحيحه بابًا عن الانتصارِ من الظالم لقوله تعـالى :
{ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ } [ الشورى39 ] وذُكِرَ عن إبراهيم النخعيّ قـوله :
" كانوا يكرَهون أن يُستَذَلّوا ، فـإذا قـدروا عفَوا". [ أخرجه البخاري ]
وقـد جـاءتِ الآيـات متضَافِرةً في ذكرِ الصفح والجمعِ بينه وبين العفو كما في قولِه تعالى : { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ } [ المائدة13 ] وقـولـه :
{ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ } [ البقرة109 ] وقـولـه سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًا لَّكُمْ فَاحْذَرُوَهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ التغابن14 ] .
•.♥.• 0]أقـوال في العـفو ] •.♥.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •
قـال الحسن بنُ علي (رضي الله تعالى عنهما ):
" لو أنَّ رجـلاً شتَمني في أذني هـذه ، واعتذر في أُذني الأخرَى ، لقبِلتُ عذرَه ". [ الآداب الشرعية لابن مفلح 1/319 ] .
وقـال جعفرُ الصادِق (رحـمه الله) :
" لأن أندمَ على العفوِ عشرين مرّةً ، أحبُّ إليَّ من أندَم على العقوبة مرة واحدة " . [ أدب المجالسة لابن عبد البر 116 ] .
وقـال الفضيل بنُ عياض( رحـمه الله) :
" إذا أتـاك رجلٌ يشكو إليك رجلاً فقل : يـا أخي ، اعفُ عنه ؛ فإنَّ العـفو أقرب للتقوى ، فـإن قـال : لا يحتمِل قلبي العـفوَ ، ولكن أنتصر كما أمرَني الله عزّ وجلّ فقل له : إن كنتَ تحسِن أن تنتَصِر ، وإلاّ فارجع إلى بـابِ العـفو : فـإنّه بـاب واسع ، فإنه من عفَا وأصلحَ فأجره على الله ، وصاحِبُ العفو ينام علَى فراشه باللّيل ، وصاحب الانتصار يقلِّب الأمور .. لأنّ الفُتُوَّة هي العـفوُ عن الإخوان " .
•.♥.• ]النبي صلى الله عليه وسلم يعفو ] •.♥.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.• •.•
الصّفح والعفو هما خلُقُ النبيّ (صلى الله عليه وسلم ) فأين المشمِّرون المقتَدون ؟! أين من يغالِبهم حبُّ الانتصار والانتقام ؟! أين هم من خلُق سيِّد المرسَلين (صلى الله عليه وسلم).. ؟! سُئِلَت عـائشة (رضي الله عنها )عن خلُق رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم )فقالت :
" لم يكن فـاحِشًا ولا متفحِّشًا ولا صخَّابًا في الأسواق ، ولا يجزِي بـالسيِّئة السيئة ، ولكن يعـفو ويصفح " . [ أخرجه أحمد والترمذي وقال : حديث حسن صحيح وأصله في الصحيحين ] .
ما أعظم عفو وصفح الحبيب محـمد ( صلى الله عليه وسلم ) عندما دعا قومه إلى دين الحق ، والصراط المستقيم ، عندما دعاهم لما يحييهم ، وينقذهم من عذاب أليم ، دعاهم شفقة ورحمة بهم ، فما كان منهم إلا أن كذبوه ، واتهموه بالسحر ، والكذب ، والجنون ، وسلطوا عليه سفهاءهم .
كان خوفه (صلى الله عليه وسلم )على قومه من انتقام الجبار جل وعلا لتكذيبهم دعوته ، يجعله يهتم أشد الهم ، ولكنه سيدافع عن قومه ، لأنهم لا يعلمون ، فلما خرج من ثقيف أتاه ملك الجبال للانتقام ، عن عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ (رضي الله عنه )أَنَّ عَائِشَةَ (رضي الله عنها )حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللّهِ (صلى الله عليه وسلم) : يَـا رَسُولَ اللّهِ ! هَلْ أَتَىٰ عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ ؟ فَقَالَ : " لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ ، فَلَمْ يُجِبْنِي إلَىٰ مَا أَرَدْتُ ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَىٰ وَجْهِي ، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إلاَّ بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ _ قرن المنازل _ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي ، فَنَظَرْتُ فَإذَا فِيهَا جِبْرِيلُ ، فَنَادَانِي فَقَالَ : إنَّ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ ، وَقَدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ ، قَـالَ : فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ، ثُمَّ قَـالَ : يَـا مُحَـمَّدُ ! إنَّ اللّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ ، وَأَنَـا مَلَكُ الْجِبَالِ ، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ ، فَمَا شِئْتَ ؟ إنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ " فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ (صلى الله عليه وسلم) : " بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللّهَ وَحْدَهُ ، لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً ". [ متفق عليه ] .
يـا له من نبي رحـيم ، عفو كريم ، عفا عن قومه بعدما كذبوه وأدموا عقبيه ، فاخضبت رجلاه من الدم _ بـأبي وأمي ونفسي هو (صلى الله عليه وسلم ) .
ولو أردنـا تقصي مواقف الحـبيب محمد ( صلى الله عليه وسلم ) في العـفو والصـفح عمن أساء إليه لاحتجنـا وقتاً وجـهداً ، ولكن يكفي من القـلادة ما أحـاط بـالعنق .
فلنا في رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسوة حسنة ، وقدوة طيبة ، يجب أن نحتذي بها ، ونقتفي أثرها ، لاسيما في العـفو والغـفران ، والتجاوز عن الآخرين فيما إذا أساءوا لنا ، وندخر ذلك ذخراً لنا عند الله العفو الغفور الرحيم .. الذي تجــاوز عن كثير من سيئاتنا ، وأمهلنا وأمد لنا في العمر ولم يـأخذنـا بالتقصير والتفريط في جنبه سبحانه ، فكم عصينا ربنا ، وكم تمردنا على علّام الغيوب ، وهو يستر العيوب ، ألا نغفر ونعفو نحن ونتازل لمرضاة الله تعالى ، ورجـاء مغفرته يوم القيامة ، يوم العرض والحساب ، يوم أن يحتاج العبد إلى حسنة واحدة تدخله الجنة فلا يجد ، فربما وجد أثر العفو والصفح حسنات كالجبال ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي ( صلى الله عليه وسلم) على منبره يقول :
" ارحموا تُرحموا ، واغفروا يغفر الله لكم ، ويل لأقماع القول ، ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون " . [ أخرجه أحمد ، وصحح إسناده الشيخ / أحمد شاكر رحمه الله ] .
عفا الله عنا وعن جـميع المسلمين وسـامحنا الله وسـامح كل المؤمنين. الموضوع : لمن العـفو .♥. . المصدر : منتديات اضواء الاسلام الكاتب: صاحبة الرأي توقيع العضو/ه :صاحبة الرأي | |
|
|
نور الاسلام
تقيم نشاط المنتدى : 10560
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 53
تاريخ التسجيل : 22/06/2010
| موضوع: رد: لمن العـفو .♥. . الخميس سبتمبر 02, 2010 10:45 am | |
| جزاك الله كل خير اللهم اعفوا عنا وسامحنا الموضوع : لمن العـفو .♥. . المصدر : منتديات اضواء الاسلام الكاتب: نور الاسلام توقيع العضو/ه :نور الاسلام | |
|
|
صاحبة الرأي
مدينتى : في ارض الله الوسعه
تقيم نشاط المنتدى : 17268
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 74
تاريخ التسجيل : 31/07/2010
| موضوع: رد: لمن العـفو .♥. . الخميس سبتمبر 02, 2010 12:37 pm | |
| اللهم آمين منوره الصفحه الموضوع : لمن العـفو .♥. . المصدر : منتديات اضواء الاسلام الكاتب: صاحبة الرأي توقيع العضو/ه :صاحبة الرأي | |
|
|
مهـ مع القرآن ـاجر
تقيم نشاط المنتدى : 100136748
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 84
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
| موضوع: رد: لمن العـفو .♥. . الخميس سبتمبر 02, 2010 3:14 pm | |
| اللهم امين بورك فيكِ اختى وبانتظار جيديدك الموضوع : لمن العـفو .♥. . المصدر : منتديات اضواء الاسلام الكاتب: مهـ مع القرآن ـاجر توقيع العضو/ه :مهـ مع القرآن ـاجر | |
|
|
صاحبة الرأي
مدينتى : في ارض الله الوسعه
تقيم نشاط المنتدى : 17268
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 74
تاريخ التسجيل : 31/07/2010
| |
على سعيد
تقيم نشاط المنتدى : 10139
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 47
تاريخ التسجيل : 09/04/2010
| |
صاحبة الرأي
مدينتى : في ارض الله الوسعه
تقيم نشاط المنتدى : 17268
نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى : 74
تاريخ التسجيل : 31/07/2010
| |