عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إن الحلال بين وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" .. اخرجه البخاري
أتعلم أين يقع قلبك ؟
جيد .. اذا ضع يدك عليه وتلمس موضعه .. فهل مازال ينبض ؟
الحمد لله ..
إذا .. ماهي قصة القلوب التي لا تنبض ؟!
*****
أرأيت لو أنك تريد أن تشرب ماءً فكيف سوف تمسك الكأس ؟!
في اعتقادي حتى الأطفال دون سن الثلاثة يعرفون الطريقة ..
فما رأيك لو كان الكأس مقلوباً وتريد صب الماء فيه فهل سوف يدخل ؟
بالتأكيد لا بل سوف يتقاطر من جنباته ويهدر الماء على الأرض
فلا انت رويت عطشك ولا أحدهم استفاد من هذا الماء المهدر ..
وربما لو رأيت أحداً يفعل ذلك لوصفته بالجنون والسفه ..
لنترك الكأس جانباً ولنسافر عبر القرون .. لنسمع حديثا ً يقول فيه رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه
"تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى القُلُوبِ كَعَرْضِ الْحَصِيرِ عُودًا عُودًا. فَأَىُّ قَلْبٍ أُشرِبَهَا نُكِتَتْ فِيه نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَىُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضاءُ، حَتَّى تَعُودَ الْقُلُوبُ عَلَى قَلْبَيْنِ: قَلْبٍ أَسْوَد مُرْبَادًا كالكُوزِ مُجَخِّيًا. لا يَعْرِفُ مَعْروفاً وَلا يُنْكِرُ مُنْكَراً، إِلا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ، وَقَلْبٍ أَبْيَض لا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّماواتُ وَالأرْضُ "... رواه مســـلم
تلك القلوب .. الحمراء في تركيبها .. السوداء أو البيضاء في جوهرها .. أيهما تريد أن يكون قلبك ؟!
في حياتنا هذه نتقلب بين فتن ومغريات شتى .. فتن كقطع الليل تغشانا ..
وجل من لا يذنب وجل من لا يقع في الخطأ .. لكن ذو النفس اللوامة يعود .
تخيل هذا الأمر .. قلبك وأمامه شريط الغناء
فإن وضعته في المسجل وضعت في قلبك نكته سوداء ..
أما لو رميته جانباً وربما قطعته .. وضعت في قلبك نكته بيضاء
ويستمر الحال ..
كل فتنة .... كل ذنب يعرض عليك إما يوضع في قلبك نكتة سوداء أو بيضاء ..
حتى إذا كثرت الفتن . سوف ينتهي الحال بالقلب .. إما ابيضاً وإما اسوداً
فأي القلوب تختار
قلب أبيض . [ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ] قلب أبيض يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يقع في الذنوب لأنه بشر .. لكنه يسارع للتوبة .. يعود ويؤوب .. ويبكي .. وتمحى النقط السوداء ..
كأس في وضعه الطبيعي .. أي ماء .. أي شراب .. تحاول أن تضعه فيه فهو يدخل ولاتنسكب منه قطرة .. وكذا القلب الابيض قلب سليم لا يعتريه شك ولا يشوبه ريب .. يعرف الحق ويحذر الباطل .. يسارع في الحسنات ويخشى السيئات وإن تعثر فإنه يعود .. ليعود القلب أبيضا ً .. وتلك والله السعادة .. إذا فهو ينبض .. بالإيمان ..
**************
قلب أسود .. كأس مقلوب مهما سكبت في داخله فسوف تهدر ذلك الماء وتضيع ذلك الشراب ..!!
يقع في المعاصي فلا يهتز له كيان .. وينطرب بأي شيء كان .. يعرف كل شيء .. إلا ذلك النور
[ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ]
قلوب أدمنت المعاصي ولم تعد تكترث بأي شيء .. وكأن ادمانها عليها أصبح من الأمور الإعتيادية
فكثرة المساس أفقدت الإحساس ..
واصبح قلباً منتهى غايته مايرضى هواه .. فلا هو يعرف المعروف ولا هو ينكر المنكر ..بل إنه عندما يأتي المعصية لا يفكر انها معصية .. وأنها تصب في ميزان السيئات
وإن كان ينبض حياة إلا أنه لا ينبض ايماناً بل لم يرى حلاوة الذكر والإيمان ..
كان أكثر دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم [ يامقلب القلوب ثبت قلبى على دينك ]
لان تلك القلوب من اسمها تتقلب ولاتبقى على حال فالقلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن
قال تعالى [ ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون ]
قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
( ألا وإن فى الجسد لمضغة إذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب ) متفق عليه.
وقال ( ان الله لاينظر الى أجسامكم ولا الى صوركم ولكن ينظر الى قلوبكم وأعمالكم ) رواه مسلم
*********
أما يكفي ؟! ..
قال تعالى : [ ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون ]
قيل في تفسير هذه الاية إن من الحجارة لما هو ألين من قلوب بني آدم ألم تسمعوا قول الله تعالى [ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ]
قال ابن عباس : " فصارت قلوب بني إسرائيل مع طول الأمل قاسية بعيدة عن الموعظة بعد ماشاهدوه من الآيات والمعجزات فهي في قسوتها كالحجارة التي لا علاج للينها أو أشد قسوة من الحجارة "
************
ليس الامر وكأني أتحدث عن قلوب الكفار والمسلمين .. لا والله بل أتحدث عن قلبي وقلبك وقلب كل بشر على هذه البسيطة .. والله لا أحد منا يسلم من الذنوب .. لكن من باب الحق ينكر المنكر .. ويأمر بالمعروف ..
فإن كلنا امتنعنا عن ذلك لحال قلوبنا فمن سوف ينكر المنكر ويأمر بالمعروف
ذكرى مقصر .. ذكرى لم توفي الموضوع حقه لكنها تنوه عليه عرضاً ..
قلوبنا بين هذا وذاك ..نسأل الله السلامة والعافية ..
يامن اهتممتم بكل شيء .. الماركات .. الأسواق .. السيارات .. العطور .. البشرة ..
بالله عليكم أي القلوب تختارون ؟!
نسأل الله أن يصلح أمر قلوبنا .. لكن بالتفكر والمجاهدة ومحاربة النفس وأهواءها سوف نصل
﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾
والذي يقول الله يهدينا ولا يسعى ولا يعمل .. فهو عاجز.. متكاسل .. وسوف يحاسب على كل ذلك ..!!
لأنه لا أحد يجلس في بيته ويقول الله يرزقني بل يخرج ويبحث عن الرزق وكذلك من يريد التوبة لا يقول الله يهدينا ويستمر بل يجاهد نفسه
هذا والله أعلم فإن كان صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان
الموضوع : ليس كل ما ينبض قلبا المصدر : منتديات اضواء الاسلام الكاتب: قسوة الايام توقيع العضو/ه :قسوة الايام |
|