بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمدوعلى آله وصحبه أجمعين
كيف يعذب إبليس
بالناروهو مخلوق منها ؟
سؤال:
هلإبليس سوف يدخل النار ؟ وكيف يدخل النار وهو مخلوق من نار ؟
وهل هناك شيء يؤكد كيفسيعذب إبليس ؟ .
الجواب:
الحمد للهأولاً :
أمَّا أن إبليس سيدخل جهنم خالداً فيها : فهذا مما لا شك فيه ، وقد ذكر الله تعالى مصيره في الآخرة في عدة آيات ،
ومنها :
1. قالتعالى : ( قَالَ مَا مَنَعَكَ
أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌمِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ...
قَالَ اخْرُجْ مِنْهَامَذْءُوماً مَدْحُوراً
لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْأَجْمَعِينَ ) الأعراف/12– 18 .
قال الطبري :
وهذا قسم من الله جلّثناؤه ،
أقسم أن من اتبع من بني آدم عدوَّ الله إبليس وأطاعه : أن يملأ جهنم منجميعهم يعني : من كفرة بني آدم أتباع إبليس ، ومن إبليس
وذرّيته " انتهى باختصاروتصرف يسير .
"تفسير الطبري" (8/139) .
2. وقال تعالى : ( قَالَيَا
إِبلِيسُ مَا لَكَ أَلا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ... إِنَّ عِبَادِي
لَيْسَلَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ
اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ . وَإِنَّجَهَنَّمَ
لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ . لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍمِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) الحجر/32– 44 .
قال الشنقيطي رحمه الله :
وكل آية فيها ذِكر إضلال إبليس لبني آدم بيَّن فيها أن إبليس
وجميع من تبعهكلهم في النار كما قال هنا : (
وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ .
لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ) .
"أضواء البيان" (3/131) .
3. وقالتعالى : ( قَالَ فَالْحَقُّ
وَالْحَقَّ أَقُولُ * لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَوَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ) ص/84، 85 .
4. وقال تعالىحاكياً قول الجن : (
وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْأَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً . وَأَمَّا
الْقَاسِطُونَ فَكَانُوالِجَهَنَّمَ حَطَباً )
الجن/14، 15 .
ثانياً :
أما كيف يعذَّبإبليس في النار
وقد خُلق من النار : فالجواب عنه :
أنه لا يلزم من كون الجنخلقوا من
نار أن يكونوا الآن ناراً ، كما أن الإنس خلقوا من تراب وليسوا الآنتراباً .
قال أبو الوفاء بن عقيل :
" أضاف الشياطين والجان إلىالنار
حسب ما أضاف الإنسان إلى التراب والطين والفخار ، والمراد به في حق الإنسانأن أصله الطين ، وليس الآدمي طيناً حقيقة ، لكنه كان طيناً ،
كذلك الجان كان ناراًفي الأصل " انتهى .
"لقط المرجان في أحكام الجان" (ص 33) بواسطة "عالم الجنوالشياطين" (ص 58) .
وإذا كان الإنس خلقوا من تراب وقليل منه يؤذيهم ، وإندفنوا تحته ماتوا ، وإن ضربوا به (الفخار مثلا) جرحوا أو
ماتوا ، فكذلك ليس غريباًأن يكون الجن قد خلقوا
من النار ، ويعذبون بنار جهنم .
والجن خلقهم اللهتعالى من نار ،
ولكنهم ليسوا الآن ناراً ، والأدلة على ذلك كثيرة ، منها :
1. عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يصلي فأتاهالشيطان فأخذه فصرعه فخنقه ، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حتى وجدت بردلسانه
على يدي ، ولولا دعوة أخي سليمان عليه السلام لأصبح موثقا حتى يراه الناس ) رواه النسائي في "السنن
الكبرى" ( 6 / 442 ) ، وصححه ابن حبان ( 6 / 115 ) .
2. عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قام رسول الله صلى الله
عليه وسلمفسمعناه يقول : أعوذ بالله منك ثم قال
: ألعنك بلعنة الله ثلاثا وبسط يده كأنهيتناول
شيئا ، فلما فرغ من الصلاة قلنا : يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاةشيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك ، قال : إن
عدو الله إبليس جاء بشهابمن نار ليجعله في وجهي
فقلت : أعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت : ألعنك بلعنة اللهالتامة فلم يستأخر ، ثلاث مرات ، ثم أردت أخذه ، والله لولا
دعوة أخينا سليمانلأصبح موثقا يلعب به ولدان
أهل المدينة . رواه مسلم ( 542 ) .
فمن هذينالحديثين يتبين لنا أن
الجن الآن ليسوا ناراً ؛ ويدل على ذلك : ما وجده رسول اللهصلى الله عليه وسلم من برد لسان الشيطان ، كما في الحديث
الأول ، وأن الشيطان لوكان باقيًا على ناريته
ما احتاج أن يأتي بشهاب ليجعله في وجه النبي صلى الله عليهوسلم ، ولما استطاع الولدان أن يلعبوا به .
3. ومن الأدلة – كذلك - : قولالنبي
صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ) رواه
البخاري ( 1933 ) ومسلم
( 2175 ) .
ولو كان الشيطان ناراً لاحترق الإنسان ؛ لأنالشيطان داخله ، فتبين الفرق بين كون الشيطان ناراً وكونه
مخلوقاً من نار .
ولو كان الشيطان ناراً الآن –على سبيل الفرض- وأراد الله أن
يعذبه بنارجهنم ، فإن الله تعالى على كل شيء
قدير ، ولا يعجزه شيء سبحانه وتعالى .
هذا والله أعلم .
الموضوع : موضوع جميل كيف يعذب إبليس المصدر : منتديات اضواء الاسلام الكاتب: محمد شريف