رحمة النبي بأصحاب الأزمات
منتديات اضواء الاسلام Forums lights Islam
هذا الصندوق ليس للإزعاج بل هو للترحيب بكم
فإن كان يزعجكم اضغط على ( إخفاء ) ـ
و إن كان يهمكم أمر المنتدى فيسعدنا انضمامكم
بالضغط على ( التسجيل ) تظهر بيانات التسجيل البسيطة
بعدها تصبحون أعضاء و ننتظر مشاركتكم

يا ضيفنا.. لو جئتنا .. لوجدتنا *** نحن الضيوف .. و أنت رب المنزل ِ
فأهلا بكم

فى منتديات اضواء الاسلام Forums lights Islam


منتديات اضواء الاسلام Forums lights Islam
هذا الصندوق ليس للإزعاج بل هو للترحيب بكم
فإن كان يزعجكم اضغط على ( إخفاء ) ـ
و إن كان يهمكم أمر المنتدى فيسعدنا انضمامكم
بالضغط على ( التسجيل ) تظهر بيانات التسجيل البسيطة
بعدها تصبحون أعضاء و ننتظر مشاركتكم

يا ضيفنا.. لو جئتنا .. لوجدتنا *** نحن الضيوف .. و أنت رب المنزل ِ
فأهلا بكم

فى منتديات اضواء الاسلام Forums lights Islam



اضواء الاسلامالرئيسيةأحدث الصوررحمة النبي بأصحاب الأزمات 0e3e464262f40dالتسجيلدخول
 
رحمة النبي بأصحاب الأزمات
المواضيع الجديدة منذ آخر زيارة لياستعراض مشاركاتكمواضيع لم يتم الرد عليهاأفضل مواضيع اليومافضل اعضاء اليومافضل 20 عضو
 
رحمة النبي بأصحاب الأزمات Empty
اذكرو الله ذكرا كثيرا سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم والحمد لله والله اكبر ولااله الا الله ولاحول ولاقوة الا بالله العلى العظيم "و أكثروا من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم "

شاطر | 
 

 رحمة النبي بأصحاب الأزمات

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
شهد شحاتة

رحمة النبي بأصحاب الأزمات 32253396288895901519
شهد شحاتة


مدينتى :
القاهرة

الدولة :
رحمة النبي بأصحاب الأزمات Eg10

الجنس :
انثى
عدد المشاركات :
2827

تقيم نشاط المنتدى :
8873

نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى :
35

تاريخ التسجيل :
02/06/2011

المزاج :
رحمة النبي بأصحاب الأزمات 3810

رحمة النبي بأصحاب الأزمات 13437011
رحمة النبي بأصحاب الأزمات 38636110


رحمة النبي بأصحاب الأزمات Empty
مُساهمةموضوع: رحمة النبي بأصحاب الأزمات   رحمة النبي بأصحاب الأزمات I_icon_minitimeالجمعة فبراير 08, 2013 7:23 pm 

محمد القدوة الطيبة التي أرسلها الله رحمة لنا وحبًّا بنا حتى نقتفي أثره[1].

جاء في تقارير منظمة اليونيسيف الدولية أنه من كل عشرة أطفال دون سن الخامسة كان يموت طفل عراقي بسبب نقص العلاج، وفي كل يوم من أيام الحصار الأمريكي كان يموت 250 إنسان عراقي بسبب العقوبات التي كانت مفروضة عليها[2].

وهذا نوع من الضعف يقع فيه عامة الخلق، كبيرهم وصغيرهم، غنيُّهم وفقيرهم، حاكمهم ومحكومهم..

فليس هناك إنسان إلا ويقع في أزمة، كمرضٍ له أو لحبيب، وكموتٍ لقريب، وكدَيْنٍ وقع فيه المرء، وهكذا..

ولما كانت هذه الأزمة صورة من صور الضعف، وكثيرًا ما تأتي مفاجئة للإنسان، فإن رحمة رسول الله كانت سريعًا ما تتحرك تجاه هؤلاء..

يلخص ذلك عثمان بن عفان بقوله: "إنا -والله- قد صحبنا رسول الله في السفر والحضر، وكان يعود مرضانا ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير[3]".

فهو -كما وصف عثمان - مع أصحابه في كل أزماتهم..

ومن أهم الأزمات التي لا بد لكل بشر أن يقع فيها أزمة المرض..

وكان الرسول إذا سمع بمريض أسرع لعيادته في بيته، مع كثرة همومه ومشاغله، ولم تكن زيارته هذه مُتكلَّفة أو اضطرارية، إنما كان يشعر بواجبه ناحية هذا المريض.. كيف لا، وهو الذي جعل زيارة المريض حقًّا من حقوقه؟!.




قال رسول الله : "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ"[4].

وكان يهدف من وراء زيارته لأمور شتى، فهو يُظهِر له -دون تَكَلُّف- مُوَاساتِه له، وحرصه عليه، وحبه له، فيُسعد ذلك المريضَ وأهلَه، ويهوِّن أزمته ومرضه..

يروي عبد الله بن عمر فيقول: اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ فِي غَاشِيَةِ أَهْلِهِ[5] فَقَالَ: "قَدْ قَضَى", قَالُوا: لا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَبَكَى النَّبِيُّ ؛ فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَ النَّبِيِّ بَكَوْا فَقَالَ: "أَلا تَسْمَعُونَ؟! إِنَّ اللَّهَ لا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلا بِحُزْنِ الْقَلْبِ؛ وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ أَوْ يَرْحَمُ[6]"[7].

ثم إن رسول الله -من رحمته- كان يُبشِّر المريض بالأجر والمثوبة التي تلحق به نتيجة المرض، فيهوِّن بذلك عليه الأمر، ويرضيه به..

تروى أم العلاء[8] فتقول: عادني رسول الله وأنا مريضة، فقال: " أَبْشِرِي يَا أُمَّ الْعَلاءِ، فَإِنَّ مَرَضَ الْمُسْلِمِ




يُذْهِبُ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاهُ كَمَا تُذْهِبُ النَّارُ خَبَثَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ"[9].

وكان رسول الله في زيارته للمريض يرقيه ويدعو له بالشفاء، وأدعيته في هذا المجال كثيرة ومشهورة، ومنها ما روته عائشة رضي الله عنها أن رسول الله كان يقول إذا أتى مريضًا: "أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا"[10].

وكان حريصًا على التخفيف على المريض، وعدم تعريضه لخطر أو أزمة أكبر، وكان يُبدي الكثير من الغضب إذا رأى من يتشدد في حكم من الأحكام مع مريض، ومن ذلك ما يرويه جابر بن عبد الله فيقول: خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجرٌ؛ فشجَّه في رأسه، ثم احتلم؛ فسأل أصحابه؛ فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات؛ فلما قدمنا على النبي أُخبِرَ بذلك فقال: "قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ، أَلا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؛ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ -شَكَّ مُوسَى- عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ"[11].

وكان يطلب الطب لأصحابه، ويتجاوز عن أمور كثيرة يتشدد فيها الآن كثيرٌ ممن لا يعرفون رسول الله ولا رحمته!!




ومن ذلك أنه كَلَّف رُفَيْدة[12] رضي الله عنها بعلاج سعد بن معاذ عندما أصيب في الأحزاب[13]، لأنها كانت أقدر أهل المدينة على علاجه، ولم يتحرَّج أن تعالج امرأةٌ رجلاً من الرجال..

وهكذا كان يرفق بالمرضى إلى أكبر درجات الرفق، ويقف معهم في أزمتهم بصورة لعلها أكبر من وقفة ذويهم إلى جوارهم..

ومن الأزمات أيضًا التي كان يهتم رسول الله بها أزمة وفاة إنسان، وكان رسول الله -من رحمته- يرحم أقارب الميت في أمور قد يظنُّها الناس بسيطة، ولكنها تترك أثرًا طيبًا في النفوس، ومن ذلك إعداد الطعام لهم.

روى عبد الله بن جعفر فقال: لما جاء نعي جعفر قال النبي : "اصْنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ يَشْغَلُهُمْ"[14].

وهذا عكس ما اشتهر بين الناس من أنَّ أهل الميت هم الذين يصنعون طعامًا لزوَّارهم، بل إن صناعة أهل الميت للطعام للضيوف خلاف واضح للسنة، فقد قال جرير بن عبد الله : "كنا نَعُدُّ الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام من النياحة[15]"[16].

ويقول الإمام السندي رحمه الله في شرحه لهذا الحديث: "أن كلمة (كُنَّا نرى) بمنزلة إجماع الصحابة أو




تقرير النبي ، وعلى التقديرين فهو حُجَّة"[17].

لكن الأهم حقيقةً من المساعدة المادية هو تشجيع أهل الميت على الصبر وعدم الجزع، وهذا ما كان يحرص عليه رسول الله جدًا، وقَلَّما حدثت وفاة في عصره إلا وكان حاضرًا مع أهل الميت يُذكِّرهم بالله ، ويحاول أن يخرجهم من أزمتهم بتعظيم أجرهم إذا صبروا.. فكان يُعَلِّمُهم أن يقولوا عند المصيبة ما يصبِّرهم -بل يعوضهم خيرًا- في الدنيا قبل الآخرة..

تروي أم سلمة[18] رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله يقول: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا"[19].

وكان يعلم أن النساء يصيبهن الجزع أكثر من الرجال، فكان يحرص على تذكيرهنَّ بالصبر عند المصائب..

يروي أبو سعيد الخدري أن النساء قُلْنَ للنبي : غلبنا عليك الرجال؛ فاجعل لنا يومًا من نفسك؛ فوعدهنَّ يومًا




لَقِيَهُنَّ فيه؛ فوعظهن وأمرهن فكان فيما قال لهن:

"مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلاثَةً مِنْ وَلَدِهَا إِلا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنْ النَّارِ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: وَاثْنَتَيْنِ، فَقَالَ: وَاثْنَتَيْنِ"[20].

وانظر إلى رحمته وهو يهوِّن على امرأة مسكينة مصابها الفادح.. فقد روى أبو هريرة أن امرأة جاءت إلى النبي بابن لها؛ فقالت يا رسول الله: إنه يشتكي. وإني أخاف عليه؛ قد دفنت ثلاثة، قال: "لَقَدْ احْتَظَرْتِ بِحِظَارٍ شَدِيدٍ مِنْ النَّارِ"[21]. وتخيل مدى فرحتها -مع أنها في مصاب شديد- عندما علمت أن مصابها هذا قد وقاها وقاية شديدة من النار..

إنها كلمات بسيطة، لكنها ذات أثر عظيم..

ومع كونه يمنع الناس من الجزع وفقد الصبر إلا أنه كان واقعيًّا يُقدِّر ألم الناس ويعذرهم، ومن ثَمَّ يقبل ببكائهم وحزنهم دون إفراط..

يروي جابر بن عبد الله فيقول: لما قُتِلَ أبي جعلت أكشف الثوب عن وجهه وأبكي، وينهونني عنه، والنبي لا ينهاني فجعلت عمتي فاطمة تبكي؛ فقال النبي : "تَبْكِينَ أَوْ لا تَبْكِينَ، مَا زَالَتْ الْمَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ"[22].

وروى جابر بن عتيك[23] أن رسول الله جاء يعود عبد الله بن ثابت[24] فوجده قد غُلِب، فصاح به رسول الله فلم يجبه، فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ عَلَيْهِ فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ فَاسْتَرْجَعَ رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ: "قَدْ غُلِبْنَا عَلَيْكَ أَبَا الرَّبِيعِ" فَصِحْنَ النِّسَاءُ وَبَكَيْنَ فَجَعَلَ ابْنُ عَتِيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "دَعْهُنَّ فَإِذَا وَجَبَ فَلا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ", قَالُوا: وَمَا الْوُجُوبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ..

قَالَ: "الْمَوْتُ" قَالَتْ ابْنَتُهُ: إِنْ كُنْتُ لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ شَهِيدًا قَدْ كُنْتَ قَضَيْتَ جِهَازَكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْقَعَ أَجْرَهُ عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ؟", قَالُوا: الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْهَدَمِ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرَقِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدَةٌ"[25].

والرسول في المثالَين السابقَين يسمح ببكاء وحزن أقارب الميت، لكن في نفس الوقت يُبشِّرهم بأجر المتوفى ليصبِّرهم على مصابهم..




ولم تكن وقفات رسول الله مع الصحابة عند المرض أو الوفاة فقط، بل كانت في أي أزمة ولو كانت عابرة..

نجده مثلاً يدخل المسجد فإذا برجل من الأنصار يُقالُ له أبو أمامة؛ فقال: "يَا أَبَا أُمَامَةَ، مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاةِ", قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "أَفَلا أُعَلِّمُكَ كَلامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ", قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ"، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ هَمِّي وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي[26].

وقال أبو سعيد الخدري : أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ", فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِغُرَمَائِهِ: "خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلا ذَلِكَ"[27].

فالرسول حرص على أن يساعد الرجل على سداد دينه، ثم طلب من غرمائه أن يقبلوا بالمبلغ الذي جُمِعَ، ويقول المباركفوري[28] في شرح سنن الترمذي: "والمعنى: ليس للغرماء أن يأخذوا إلا ما وجدوا، والإمهال بمطالبة الباقي إلى الميسرة"[29].

فالرسول لم يُسقط الدين عن الرجل، إنما توسَّط له عند الغرماء ليأخذوا قسطًا، ويؤخروا الباقي، وهذا من رحمته بالمدين..




ومن أروع مظاهر رحمته ما فعله مع المسلمين عند هجرتهم من مكة إلى المدينة.. فقد كانت أزمة كبيرة ترك فيها المسلمون ديارهم وتجارتهم وأموالهم وذكرياتهم.. تركوا كل ذلك، وفرُّوا إلى الله ورسوله، فكان لا بد من الوقوف إلى جوارهم في أزمتهم هذه..

فأول ما فعل أنه رفع من شأنهم وقدرهم، وأخبرهم أن هجرتهم هذه هجرة كريمة لا ينظر إليها بانتقاص، فهم ليسوا مجرد لاجئين إلى بلد آخر، بل هم مجاهدون عظماء، وذكر ذلك في أحاديث شتى، لعل من أعظمها أنه بَشَّرهم أنهم أول من يجوز الصراط يوم القيامة، وذلك عندما سُئِلَ عن أول الناس إجازة فقال: "فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ"[30].

وفي موقف آخر قال : "إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا"[31].

وهكذا شعر المهاجرون بقيمتهم وفضلهم، وبالتالي رُفِعَت معنوياتهم..

وكان يواسي المهاجرين ويهوِّن عليهم مصابهم، والذي أحيانًا يكون كبيرًا جدًا.. وما أروع استقباله لصهيب الرومي عندما هاجر إلى المدينة تاركًا ثروته كلها وراءه في مكة، فقال له مبشرًا: "رَبِحَ البَيْعُ أبَا يَحْيَى"[32].

ولمَّا جاء عبد الله بن جحش يشكو لرسول الله أن أبا سفيان قد أخذ دَارَهُم في مكة بعد الهجرة وباعها، واساه رسول الله في رقَّة وقال له: "أَلا تَرضَى يَا عَبْدَ اللهِ أَنْ يُعْطِيَكَ اللهُ بِهَا دَارًا خَيرًا مِنْهَا فِي الجنَّة؟" قال: بلى، قال: "فَذَلِكَ لَكَ"[33].




ثم إن رسول الله كان دائم الاطمئنان على المهاجرين في المدينة، والزيارة لهم، خاصة أنهم قدموا على مناخ جديد في المدينة فأصابتهم بعض الأمراض..

تقول عائشة رضي الله عنها قدمنا المدينة وهي وبيئة، فاشتكى أبو بكر، واشتكى بلال، فلما رأى رسول الله شكوى أصحابه قال: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَحَوِّلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ[34]"[35].

ثم قام بعمل فريد ليس له مثيل في التاريخ وهو المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، فتحمَّل الأنصار عبء المهاجرين وكفلوهم في ديارهم، ووصل الأمر إلى التوارث بين الطائفتين إلى أن نُسِخَ حُكْمُ التوارث بعد ذلك[36]..

ومع أن وضع الأنصار كان أفضل، وأزمة المهاجرين كانت أشد إلا أن الرسول كان رحيمًا بالأنصار كذلك، فلم يشأ أن يُثقل عليهم حتى مع رغبتهم في التضحية..

قَالَتْ الأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ : اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ، قَالَ: لا، فَقَال: "تَكْفُونَا الْمَئُونَةَ، وَنُشْرِكْكُمْ فِي الثَّمَرَةِ قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا"[37].

وهذه رحمة منه وحكمة، فقد تتغير الأحوال، وتتحسن أحوال المهاجرين، ويشعر الأنصار بشيء من الغبن، ولذلك كان هذا التصرف الراقي منه ..

بهذه الخطوات وبأمثالها خرج المهاجرون من أزمتهم، وخُفِّفت كذلك أزمة الأنصار، واجتازت المدينة عقبة كان من الممكن أن تودي باستقرارها وراحتها..

لقد كان منهجه فريدًا حقًا..

وما كان ذلك أن يتم لولا رحمة هائلة وسعها في قلبه .

وصدق الذي قال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].




وأخيرًا..

إن ما ذكرناه من صور لرحمته للضعفاء من أبناء أمته ما هو إلا غيض من فيض، وقطرة في يَمٍّ، حاولنا فيها أن نذكر أمثلة مختلفة من صور شتى، وإن كنا -لا شك- بعيدين تمامًا عن الصورة الكاملة للحقيقة، ولعل ما ذكرناه يكون حافزًا لنا أن نتوسع في دراسة سيرته، وفي متابعة أحواله ففي ذلك الخير لنا ولمجتمعاتنا، بل وللعالم أجمع..

وصَلِّ اللهُمَّ وبارك على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم..






لآ تنتَظرٌ اَلّسعَآدةٌ حتّى تبتَسِمْ ..
وَ لَكَنْ إبتَسِمْ حتّى تَكَونٌ سَعيدٌ ..
لّمإذآ تُدّمن اَلّتفكَير وَاَللّهٌ وليّ اَلّتدّبير..
وَ لّمإذآ اَلّقَلقْ مِنْ اَلّمجهولٌ
وَ كُلٌ شئٌ عِندَ اَللّهٌ معلُومٌ ..
لِذَلكٌ إطْمئِنْ فَأنْتََ
فِيْ عَينٌ اَللّهٌ اَلّحَفيظْ


 الموضوع : رحمة النبي بأصحاب الأزمات  المصدر : منتديات اضواء الاسلام  الكاتب:  شهد شحاتة

 توقيع العضو/ه :شهد شحاتة

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مهـ مع القرآن ـاجر

رحمة النبي بأصحاب الأزمات Stars10
مهـ مع القرآن ـاجر


رقم العضوية :
1

مدينتى :
الجيزة

الدولة :
مصر

الجنس :
ذكر
عدد المشاركات :
21848

تقيم نشاط المنتدى :
100136529

نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى :
84

تاريخ التسجيل :
24/10/2009

المزاج :
رحمة النبي بأصحاب الأزمات 3810


رحمة النبي بأصحاب الأزمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحمة النبي بأصحاب الأزمات   رحمة النبي بأصحاب الأزمات I_icon_minitimeالسبت فبراير 09, 2013 11:04 am 

والله كلام قيم
جزاكم الله خيرا
 الموضوع : رحمة النبي بأصحاب الأزمات  المصدر : منتديات اضواء الاسلام  الكاتب:  مهـ مع القرآن ـاجر

 توقيع العضو/ه :مهـ مع القرآن ـاجر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

شهد شحاتة

رحمة النبي بأصحاب الأزمات 32253396288895901519
شهد شحاتة


مدينتى :
القاهرة

الدولة :
رحمة النبي بأصحاب الأزمات Eg10

الجنس :
انثى
عدد المشاركات :
2827

تقيم نشاط المنتدى :
8873

نسبة تقيم الاعضاء لمشاركتى :
35

تاريخ التسجيل :
02/06/2011

المزاج :
رحمة النبي بأصحاب الأزمات 3810

رحمة النبي بأصحاب الأزمات 13437011
رحمة النبي بأصحاب الأزمات 38636110


رحمة النبي بأصحاب الأزمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحمة النبي بأصحاب الأزمات   رحمة النبي بأصحاب الأزمات I_icon_minitimeالإثنين فبراير 11, 2013 8:31 pm 

اغاا7اعتىتنهعنت
 الموضوع : رحمة النبي بأصحاب الأزمات  المصدر : منتديات اضواء الاسلام  الكاتب:  شهد شحاتة

 توقيع العضو/ه :شهد شحاتة

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 

رحمة النبي بأصحاب الأزمات

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

مواضيع مماثلة

+
(( تذكر جيداً: يمنع وضع صور ذوات الأرواح ويمنع الردود الخارجة عن الشريعه ويمنع الاشهار باى وسيلة والله شهيد ))
صفحة 1 من اصل 1

تذكر قول الله تعالى :{{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }} سورة ق الآية 18


صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اضواء الاسلام Forums lights Islam :: الاقسام الاسلامية :: القسم الاسلامى العام-