لنفس في القرآن
قال تعالى : وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} الشمس
تدور هذه الآية حول النفس في الإسلام ، والفرق بينها وبين الشيطان فهناك النفس الأمارة بالسوء ، والنفس اللوامة ، والنفس المطمئنة والنفس الراضية ، والنفس المرضية ، والنفس الملهمة ، والنفس المدسوسة ، والنفس الزكية.
أما النفس الأمارة بالسوء وهي التي تحدث عنها المولي عز وجل في سورة يوسف :
{وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ }يوسف53
وتلك النفس لا تزال بصاحبها حتى توقعه في المعاصي والآثام ، وهي نفس خبيثة لا تندم ولا تفكر في التوبة ، وتشعر باللذة والسعادة كلما أقدمت علي منكر.
ولكن من أراد الله له الهدي تولد في قلبه الضمير الذي يجعله يندم ويتوب إلي الله وهذا ما يسمي بالنفس اللوامة التي تراجع صاحبها وتلومه علي فعل الشر والخير معا.. فتلومه علي فعل الشر لما فعلته ، وتدفعه إلي الندم والتوبة إلي الله.. كما تلومه علي فعل الخير: لماذا لم تكثر منه حتى تتقرب إلي الله أكثر؟
فهذه النفس كثيرة اللوم لصاحبها لأن لفظ "اللوامة" صيغة مبالغة من كثرة اللوم والمراجعة.
وقد أقسم الله عز وجل بهذه النفس في سورة القيامة :
لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ{1} وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ{2}
أما النفس المطمئنة وهي النفس التقية النقية المؤمنة المخلصة نفس الشاكر في الرخاء الصابر في البأساء والضراء الحامد ربه في كل حال. لا يضعف إيمانه تغير الزمان أو تبدل المكان. ولا يزعزعه ما يفوته من الدنيا.
فهو مطمئن إلي أن "ما أخطأه لم يكن ليصيبه وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه" وصاحب هذه النفس يفر من الحرام ويري وقوعه في النار أهون عليه من وقوعه في الحرام.
ولذا يبشر عند موته بالخلود في دار النعيم والذي يبشره هو ملك الموت إذ يلقي عليه السلام قبل أن يقبض روحه يقول الحق سبحانه في ذلك:
{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }النحل32
وبمجرد خروج روحه إلي الملأ الأعلي يسمع النداء الإلهي يناديه :
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ{27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً{28} فَادْخُلِي فِي عِبَادِي{29} وَادْخُلِي جَنَّتِي{30} الفجر
وإذا انتقلنا إلي النفس الراضية سنجدها قد رضيت في الدنيا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلي الله عليه وسلم نبيا ورسولا نجدها رضيت بأوامر ربها وتجنبت نواهيه. رضيت بسُنة رسول الله صلي الله عليه وسلم قولا وفعلا وأخلاقا. ولم تغير أو تبدل أو تبتدع.
أما النفس الملهمة وهي النفس التي نضجت وكمل العقل فيها فاتضح أمامها الخير من الشر وصدق الله العظيم إذ يقول:
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} الشمس
ومن دعاء النبي صلي الله عليه وسلم:
"اللهم آت نفسي هداها. وألهمها رشدها وتقواها. وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها".
وأما النفس الزكية فتلك التي ألهمت الخير فعملت به واتبعته كما قال الحق سبحانه "قد أفلح من تزكي وذكر اسم ربه فصلي" وقوله سبحانه:
{قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا }الشمس9
وهو الذي طهر نفسه من الذنوب والآثام ولازم طاعة مولاه وذكره في كل الأحوال حتي زكاه ربه وجعله في زمرة المقربين فمدحه في قوله الكريم :
{وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً }النساء69
أما النفس المدسوسة وهي المغموزة في الشهوات والمعاصي ولم يرتدع صاحبها ولم يفكر في لقاء ربه فأنساه الشيطان ذكر ربه فأنساه الله نفسه وكما قال الحق سبحانه :
{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }الحشر19
وقال سبحانه:
{وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا }الشمس10
وهناك فرق بين الشيطان وتلك النفس الخبيثة وإن كانا قرينين ومتفقين علي هدف واحد وهو معصية الله وعدم طاعته إلا أن الشيطان ليس له سلطان إلا علي الذين يتولونه.
فاللهم اجعلنا من أصحاب النفوس التقية ، النقية ، التى تخشاك فى السر والعلانية ، وارجعنا اليك ربى بنفس مرضية .
الموضوع : لنفس في القرآن المصدر : منتديات اضواء الاسلام الكاتب: شهد شحاتة