نــــــــــعـــــمة الــــــــــصـــــو م
السلام عليكم ورمضان مبارك ع الجميع

أتى رمضان مزرعة العباد .... لتطهير القلوب من الفساد
فـأدِ حقــوقه قــولاً وفـعــلاً .... و زادك فاتخـــذه للمعـــاد

الإسـلام دين حيـاة ... أنعم الله به علينا و حبانا بعطفه و رعايته أن جعل لنا في كل عبادة و قربة تقرباً لمرضاته و سعادة في الدنيا و الآخـرة
فلو تأملنا في الكثير من العبادات و السنن النبوية الشريفة لوجدنا فيها الكثير و الكثير من المنافع الدنيوية و الأخروية ... فالحمدلله على نعمة الإسلام

في هذه الوقفة التأملية أقف معكم أمام إعجاز علمي يبرهن على عظمة هذا الدين ... هذا البرهان هو الفريضة التي تسمو بالنفس عن شهوات الدنيا و تريح البدن من البِطنة المثقلة .. إنها نعمة الصوم ؛ فالعطش و الجوع رحمة و نعمة من نِعم الله التي لا تُحصى

يقول المولى في محكم التنزيل "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنْزِلَ فِيْهِ القُرْآنُ هُدَىً للنَّاسِ وَ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَ الفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَ مَن كَانَ مَرِيضاً أو عَلَى سَفَرِ فَعِدَّةٌ مِن أيَّامٍ أُخَر يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَ لِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَ لِتُكَبِرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"

و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : قال الله عزّ و جلّ (( كل عمل ابن آدم له إلاّ الصيام فإنه لي و أنا أجزي به ...... ))

إذاً لا يخفى عليكم ما للصوم (إيماناً و احتساباً) من أجر و ثواب و رحمة و مغفرة و عتق من النار


الصوم عبادة و رياضة و صحة
القلب صب والهوى رمضان
شهر به يتجسد الإيمان
شهر الفضائل إن أردت حسابها
لم يحصها جن ولا إنسان
شرع المليك الصوم فيه فريضة
تزكو بها الأرواح والأبدان
من صام محتسباً وأخلص صومه
هو في الجنان يظله رضوان
شمس الهداية أشرقت ومحمد
كان البشير وأنزل القرآن


أما عن فوائد الصيام الدنيوية فهي كثيرة و منها ما أسوقه إليكم عبر السطور التالية :

يشكل الماء حوالي 65 ـ 70 % من وزن جسم البالغين ، و ينقسم إلى قسمين رئيسيين ، قسم داخل الخلايا ،وقسم خارجها بين الخلايا (في الأنسجة والأوعية الدموية و العصارات الهضمية و غير ذلك) و بين القسمين توازن دقيق . والتغير في تركيزات الأملاح و خصوصاً الصوديوم الذي يرتكز وجوده في السائل خارج الخلايا ... ينبّه أو يثبّط عمليتين حيويتين داخل الجسم و هما : آلية إفراز الهرمون المضاد لإدرار البول ( ADH ) ، وآلية الإحساس بالعطش ؛و اللتان تؤثر كل منهما في تهيئة الجسم للحفاظ على الماء داخله و قت الشدة : وذلك بتأثير الهرمون المضاد لإدرار البول ( الذي يكمن دوره في التقليل من إخراج البول) و يتم ذلك من خلال زيادة نفاذية الأنابيب الكلوية البعيدة و الأنابيب و القنوات الجامعة حيث يسرع امتصاص الماء لإسترجاعه إلى الخلايا فيقلل من إخراجه . كما يتحكمان معاً في تركيزات الصوديوم خارج الخلايا فكلما زاد تركيز الصوديوم زاد حفظ الماء داخل الجسم .

إذا حصل تناول للماء أثناء فترة الامتناع عن الطعام ( في الصيام ) يؤدي إلى تخفيف التناضح ( Osmolarity ) في السائل خارج الخلايا ، و هذا بدوره يؤدي إلى تثبيط إفراز الهرمون المضاد لإدرار البول ؛ فيزداد الماء الخارج من الجسم مع ما يصحبه من الصوديوم و بعض الأملاح الأخرى .... و في هذا تهديد لحياة الإنسان إن لم تعوّض هذه الأملاح....!

و معروف أن الجسم في فترة الصيام يستمد طاقته من الغذاء المخزون في الكبد و العضلات على هيئة جليكوجين.
و قد وجدت علاقة بين العطش و بين تحلل الجليكوجين ؛ إذ يسبب العطش إفراز جرعات تتناسب و قوة العطش من ( هرموني الأنجوتنسين 2 ) ( II Angiotensin ) و الهرمون القابض للأوعية الدموية ( Vasopressin ) و اللذان يسببان تحلل الجليكوجين في أحد مراحل تحلله بخلايا الكبد ... فكلما زاد العطش زاد إفراز هذين الهرمونين بكميات كبيرة مما يساعد في إمداد الجسم بالطاقة خصوصاً في نهاية اليوم .

كما أن زيادة الهرمون المضاد لإدرار البول ( ADH ) المستمر طوال فترة الصيام في شهر رمضان قد يكون له دور هام في تحسين القدرة على التعلم و تقوية الذاكرة .... و قد ثبت ذلك على حيوانات التجارب ؛ لذلك فالقدرة العقلية قد تتحسن عند الصائمين بعكس ما يعتقده عامة الناس ...!

و بالإضافة إلى ما سبق فإن عدم شرب الماء خلال نهار الصيام يقلل من حجمه داخل الأوعية الدموية ؛ و هذا بدوره يؤدي إلى زيادة إنتاج البروستاجلاندين ( Prostaglandine ) و الذي له تأثيرات عديدة و بجرعات قليلة .... إذ أن له دور في حيوية و نشاط خلايا الدم الحمراء ، و له دور في التحكم في تنظيم قدرة هذه الخلايا لتعبُر من خلال جدران الش***************ات الدموية ، و بعض أنواعه له دور في تقليل حموضة المعدة ؛ و من ثم تثبيط تكون القُرَح المعِديّة كما ثبت في حيوانات التجارب .... كما أن له دوراً في علاج العقم عند المرأة .... بالإضافة إلى ذلك فإن البروستاجلاندين يوجد في المخ ؛ و من ثم له تأثيرات في إفراز الناقلات للأشارات العصبية ، كما و يتحكم في إنتاج أحادي فوسفات الأدينوزين الحلقي ( CAMP ) الذي يلعب دوراً هاماً في تحلل الدهن المختزن ....

و من هذا نستخلص أن العطش أثناء الصيام له فوائد عديدة بطرق مباشرة أو غير مباشرة نتيجة لزيادة مادة البروستجلاندين حيث يمكن أن يحسن كفاءة خلايا الدم ، و يقي من قرحة المعدة ، و يشارك في علاج العقم ، و يحسن آلية عمل الكلى ....
كما أن الله ـ سبحانه و تعالى ـ جعل للجسم البشري مقدرة على صنع الماء من خلال التحولات و العمليات الكيميائية العديدة التي تحدث في جميع خلايا الجسم إذ تتكون ـ أثناء عمليات استقلاب الغذاء ، و تكوين الطاقة في الكبد و الكلى و المخ و الدم و سائر الخلايا تقريباً ـ جزيئات ماء .... و قد قدر العلماء كمية هذا الماء في اليوم من ثلث إلى نصف لتر... و يسمى الماء الداخلي أو الذاتي ( Intrinsic water )
و كما خلق الله للإنسان ماءاً داخلياً ، خلق له طعام داخلياً أيضاً ؛ فمن نفايات أكسدة الجلوكوز يصنع الجلوكوز مرة أخرى ، حيث يتحول كل من حمض اللاكتيك و البيروفيت ـ و هما نتاج أكسدة الجلوكوز ـ إلى جلوكوز مرة أخرى ... حيث تتوجه هذه النفايات إلى الكبد فيجعلها وقوداً لتصنيع جلوكوز جديد في الكبد ... و يتكون يومياً حوالي 36جم من هذا الجلوكوز الجديد من هذين الحمضين ، غير الذي يتكون من الجليسرول و الأحماض الأمينية ....
و من هنا يمكن أن ندرك سر نهي النبي ـ صلوات الله و سلامه عليه ـ الناس عن إكراه مرضاهم على الطعام و الشراب .... حيث كان معتقد الناس ـ و للأسف ما يزال ـ أن الجسم البشري كالآلة الصماء لا تعمل إلاّ بالإمداد الدائم بالغذاء و أن في الغذاء الخارجي فقط تكمن مقاومة ضعف المرض .
و قد أخبر النبي ـ صلوات الله و سلامه عليه ـ أن الله يطعمهم و يسقيهم ، فقال : (( لا تكرهوا مرضاكم على الطعام و الشراب فإن الله ـ عز و جل ـ يطعمهم و يسقيهم )) رواه ابن ماجه


الصيام••• الغذاء الأمثل
و في هذا يقول الدكتور أل كوت الحائز على درجة الدكتوراه في التغذية في كتاب له تحت عنوان: الصيام الغذاء الأمثل: "الصيام يجعلك أكفأ ذهنياً وجسدياً ويريح أجهزتك من عناء الطعام، ويخفض التوتر، ويدعو إلى الصبر والطمأنينة، ويساعد الجسد على مداواة نفسه بنفسه، ويجعلك تنام أهدأ، ويشخذ حواسك ويقوي إرادتك، ويداوي الأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم والسمنة وداء النقرس، ويجعلك تشعر بأنك أصغر سناً وأكثر شباباً"

وقفـة :
إن فوائد الصوم الصحية لهي نعمة من نعم الله التي لا تحصى ... و لكن ذلك لا ينسينا أهمية الصوم كفرض علينا نجتني منه الفوائد الأخروية ... "والآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقَى"


تقبل الله صيامنا و قيامنا و صالح أعمالنا